أقول: هذا القول الراجح والمذهب الصحيح وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عبد الرحمن بن عوف ودخل معه صلى الله عليه وسلم في الركعة الثانية فلما سلم عبد الرحمن قام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ركعة ثم سلم وهو في الصحيحين [البخاري"١٨٢"، مسلم "١٠٥/٢٧٤"] ، وغيرهما [أبو دأود "١٤٩"، أحمد "٤/٢٥١"] ، وثبت في الصحيحين [البخاري "٢/١١٧"، مسلم "١٥١، ١٥٢، ١٥٣،"] ، وغيرهما [الترمذي "٣٢٧"] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" فالأمر بالإتمام يدل على أن ما أدركه مع الإمام أول صلاته.
وأما ما ورد في رواية مسلم بلفظ:"وما فاتكم فاقضوا" فقد حكم مسلم على الزهري بأنه وهم في هذا اللفظ فلا متمسك لمن تمسك بهذا اللفظ الذي وقع فيه الوهم.
وأيضا لو قدرنا عدم الوهم لكان تأويل هذا اللفظ الذي خالف الروايات الكثيرة الصحيحة بحمل القضاء على الإتمام فإنه أحد معانيه متعينا وقد ورد به الكتاب العزيز قال الله عز وجل:{فَإذا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ}[البقرة: ٢٠٠] أي أتممتموها وقال الله عز وجل: {فَإذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ}[الجمعة: ١٠] الآية.
وبهذا تعرف أنه ليس في المقام ما يصلح لمعارضة الأمر بالإتمام وتعرف صحة ما قاله المصنف من أنه لا يتشهد الأوسط من فاتته الأولى من أربع وأنه يتم ما فاته بعد التسليم.
وأما قوله:"فإن أدركه قاعدا لم يكبر حتى يقوم" فليس على هذا دليل بل ظاهر أمر المؤتم بالسجود إذا أدرك الإمام ساجدا أنه يكبر ويعتد بتلك التكبيرة لصلاته ولا يعتد بتلك السجدة ولفظ الحديث في سنن أبي دأود هكذا "إذا جئتم إلي الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة" وقد صححه ابن خزيمة.
وهكذا حديث:"إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حاله فليصنع كما يصنع الإمام" أخرجه الترمذي وقال حديث غريب لا نعلم أحدا أسنده إلا ما روي من هذا الوجه والعمل على هذا عند أهل العلم انتهى وفي إسناده الحجاج ابن أرطاة وفيه مقال قال ابن حجر في الفتح وينجبر ضعفه بما رواه سعيد بن منصور عن أناس من أهل المدينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من وجدني قائما أو راكعا أو ساجدا فليكن معي على الحالة التي أنا عليها".
قوله:"وأن يخرج مما هو فيه لخشية فوتها".
أقول: جعل المصنف هذا الخروج مندوبا وقيده بقوله لخشية فوتها وظاهر الحديث الصحيح عند مسلم ["٣٦/٧١"] ، وأحمد ["٥١٧"] ، وأهل السنن [أبو دأود "١٢٦٦"، النسائي "٢/١١٦"، الترمذي "٤٢١"، ابن ماجة "١١٥١"] ، وغيرهم أن الخروج واجب إذا سمع إقامة الصلاة إن كان المراد بقوله في الحديث "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" نفس الإقامة وهي قول المؤذن قد قامت الصلاة.
وإن كان المراد القيام إلي الصلاة كان الواجب عليه إذا عاين قيامه إلي الصلاة أن يخرج لأن ظاهر قوله:"فلا صلاة" نفي ذات الصلاة الشرعية فالمتنفل عند إقامة الصلاة قد بطلت صلاته فإذا