وأما مشروعية انجذاب من في الصف المنسد لمن لحق ولم يجد من ينضم إليه فلم يثبت ما يدل على ذلك بخصوصه ولا يصح الاستدلال بما أخرجه أبو دأود في المراسيل بلفظ:"إذا انتهى أحدكم إلي الصف وقد تم فليجذ إليه رجلا يقيمه إلي جنبه" لأنه مع كونه مرسلا في إسناده مقاتل بن حيان وفيه مقال ولم يثبت له لقاء أحد من الصحابة فثم انقطاع بينه وبين الصحأبي فهو مرسل معضل.
ولا يصح الاستدلال أيضا بما أخرجه الطبراني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر الآتي وقد تمت الصلاة بأن يجذب إليه رجلا يقيمه إلي جنبه فإن في إسناده بشر بن إبراهيم وهو ضعيف جدا.
وهكذا ما أخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي عن وابصة بن معبد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل صلى خلف الصف:"أيها المصلي هلا دخلت في الصف وجررت رجلا من الصف أعد صلاتك" فإن في إسناده السري بن إسماعيل وهو متروك وقد رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان من طريق اخرى ولكن فيها قيس بن الربيع وهو ضعيف ورواه ابن أبي حاتم في علله من طريق ثالثة وفي إسنادها ضعف.
ولكن الانجذاب معأونة على البر والتقوى فيكون مندوبا من هذه الحيثية.
[فصل
وإنما يعتد اللاحق بركعة أدرك ركوعها وهي أول صلاته في الأصح ولا يتشهد الأوسط من فاتته الأولى من أربع ويتابعه ويتم ما فاته بعد التسليم فإن أدركه قاعدا لم يكبر حتى يقوم.
وندب أن يقعد ويسجد معه ومتى قام ابتدأ وأن يخرج مما هو فيه لخشية فوتها وأن يرفض ما قد أداه منفردا ولا يزد الإمام على المعتاد انتظارا وجماعة النساء والعراة صف وإمامهم وسط] .
قوله: فصل: "وإنما يعتد اللاحق بركعة أدرك ركوعها".
أقول: هذا مذهب الجمهور وخالفهم جماعة من أهل العلم وقد كتبت في هذه المسألة رسالة مستقلة بحثت فيها مع بعض أهل العلم المائلين إلي مذهب الجمهور ثم ذكرت في شرحي للمنتقي خلاصة البحث بما لا يحتاج الناظر إلي غيره فلا نطيل الكلام في هذا المقام فإن رجوع الطالب للحق إلي ما ذكرناه يغنيه.