إذا لا قضاء فتكون هذه الأحاديث مخصصة لما ورد من توقيت الصلاة وتعيين أوقاتها ابتداء وانتهاء فيقال إلا الصلاة التي نام عنها المصلي أو سها عنها فإن فعلها عند الذكر هو وقت أدائها ولو بعد خروج الوقت المضروب لتلك الصلاة.
وأما العمد فلا تشمله هذه الأحاديث الواردة في النوم والسهو والنسيان ولا يدخل تحتها ولا يصح قول من قال إنه ثبت القضاء مع السهو والنسيان والنوم ثبت مع العمد بفحوى الخطاب لأنا نقول ليس تأدية الصلاة التي نام عنها أو نسيها من باب القضاء بل من باب الأداء فلا يتم القياس من هذه الحيثية.
ثم لا نسلم أن ذلك أولى لأن التارك عمدا قد أثم بالترك بالإجماع فإيجاب القضاء عليه لا يرفع عنه هذا الإثم.
فإن قلت قد زعم قوم كدأود الظاهري وابن حزم وابن تيمية ومن تابعهم أنه لا قضاء في العمد وأنه لم يرد بذلك دليل فهل هذا صحيح؟
قلت نعم لم يرد في قضاء الصلاة المتروكة عمدا دليل يدل على وجوب القضاء على الخصوص ولكنه وقع في حديث الخثعمية الثابت في الصحيح [البخاري"١٥١٣، ١٨٥٤، ١٨٥٥، ٤٣٩٩، ٦٢٢٨"، مسلم "١٣٣٤، ١٣٣٥"، أبو دأود "١٨٠٩"، النسائي "٢٦٣٥، ٢٦٤١"، الترمذي "٩٢٨"، ابن ماجة "٢٩٠٩"] ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "دين الله أحق أن يقضى" والتارك للصلاة عمدا قد تعلق به بسبب هذا الترك دين الله وهو أحق بأن يقضيه هذا التارك.
وأما قول من قال إن دليل القضاء هو دليل الأداء فليس ذلك إلا مجرد دعوى ادعاها بعض أهل الأصول.
وما ذكره المصنف رحمه الله من أن ترك ما لا يتم الصلاة إلا به كتركها وذلك كترك شرط من شروط صحتها أو نحو ذلك فهذا مسلم.
وأما قوله: "أو في مذهبه عالما" فهذا وإن قبله المقلدون فلا بد أن يكون ذلك المتروك مما يستلزم بطلان الصلاة شرعا وإلا فلا اعتبار بالأقوال المخالفة للحق وإن قال بها من قال.
وأما اعتبار أن يكون الترك في حال تضيق عليه فيه الأداء فذلك لإخراج من لا وجوب عليه كالمجنون والحائض وقد أخرج النائم والساهي والناسي بقوله غالبا.
قوله: "وصلاة العيد في ثانيه فقط".
أقول: هذا قد دل عليه الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد ["٩/٢٦٥"، بوأبو دأود ["١١٥٧"، والنسائي ["١٥٥٧"، وابن ماجه ["١٦٥٣"] ، وابن حبان عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا: غم علينا هلال شوال فأصبحنا صيأما فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمر الناس أن يفطروا من يومهم وأن يخرجوا لعيدهم من الغد، وصححه ابن حبان وابن المنذر وابن السكن وابن حزم والخطأبي وابن حجر في بلوغ المرام.