أقول: هذا نوع من الأنواع الثمانية المذكورة في القرآن ونصيبه من الزكاة ان يعطى منها ما يرده إلي وطنه والمعتبر احتياجه في ذلك السفر وان كان غنيا في وطنه ولو امكنه القرض فان ذلك لا يجب عليه لانه قد صار مصرفا بمجرد الحاجة في ذلك المكان فيعطى حقه الذي فرض الله له وقدأخرج البخاري تعليقا وأحمد في المسند من حديث ابن لاس الخزاعي قال حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة إلي الحج وأخرجه ابن خزيمة والحاكم قال الحافظ ورجاله ثقات الا ان فيه عنعنة ابن إسحاق.
ونصيب ابن السبيل من الزكاة ما يوصله إلي وطنه وان كان انصباء كثيرة وسرب عن السفر رد ما اخذ لعدم وجود السبب الذي لأجله استحق ذلك النصيب.
وأما إذا فضل منه فضله بعد بلوغه إلي وطنه فالظاهر ان يصرفها في مصرف الزكاة لانه لم يبق حينئذ مصرفا.
قوله:"وللامام تفضيل غير مجحف".
أقول: ظاهر الآية المصرحة بمصارف الزكاة يفيد ان لكل صنف من الاصناف الثمانية نصيبا فيها وانه لا يجوز اخذ نصيب صنف لصنف آخر ويؤيد ذلك حديث زياد بن الحارث الصدائي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته فأتى رجل فقال اعطني من الصدقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الاجزاء اعطيتك"، أخرجه أبو دأود ["٦٣٠"] ، وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن انعم الافريقي وفيه مقال وقد تقدم هذا الحديث.
فإذا كانت الاصناف موجودة مطالبة صرف الزكاة فيهم وجزأها بينهم وان كان بعضها احوج من بعض فضل الاحوج بما يراه لا سيما الفقراء والمجاهدين وإذا لم يوجدالا البعض صرف في الموجود وان كان صنفا واحدا ومن كان مستحقا لها من وجوه كأن يكون فقيرا غارما مجاهدا كان له من نصيب كل صنف نصيب لتعدد الاسباب الموجودة فيه لأنه يصدق عليه انه فرد من أفراد كل صنف من هذه الاصناف.
قوله:"ويرد في المخرج المستحق".
أقول: وجه ذلك انه قدد صار مصرفا للزكاة وذلك كان يفتقر بعدإخراجه لزكاته أو يذهب ماله لجائجة من الجوائج ولكن لا يخفى انه قد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عمر بن الخطاب قال حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده فأردت اشتريه وظننت ان يبيعه برخص فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لا تشتره ولا تعد في صدقتك وان اعطاكه بدرهم فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه"، وهو أيضا في الصحيحين [البخاري "٦/١٣٩"، مسلم "٣/١٦٢١"، وغيرهما [أبو دأود "٣٥٣٩"، الترمذي "٢١٣٢"، النشائي "٦/٢٦٥"، ابن ماجة "٢٣٧٧"] ، من حديث ابن عمر.