أقول: ان كان عالما بانه غير مصرف للزكاة فقد وضع ماله في مضيعة وتجب عليه الاعادة على كل حال وأما إذا لم يعلم وانكشف من بعدانه غير مصرف فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة: "أن رجلا تصدق بصدقة فوقعت في يد سارق فاصبح الناس يتحدثون بأنه تصدق على سارق فقال: اللهم لك الحمد على سارق لاتصدقن بصدقة فتصدق فوقعت في يد زانيه فأصبح الناس يتحدثون تصدق على زانية فقال: اللهم لك الحمد على زانية لاتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غنى فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني فقال: اللهم لك الحمد على غني فقيل: أما صدقتك فقد قبلت أما الزانية فلعلها تستعف من زناها ولعل السارق يستعف عن سرقته ولعل الغنى ان يعتبر فينفق مما آتاه الله عز وجل".
هكذا حكاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل من بني إسرائيل وفيه ما يدل على قبول الصدقة إذا وقعت في غير مصرف لها مع الجهل بأنه غير مصرف وظاهر الصدقة المذكورة اعم من ان يكون فريضة أو نافلة وقداختلف أهل العلم في الاجزاء إذا كانت الصدقة فريضة قال في فتح الباري فإن قيل ان الخبر إنما تضمن قصة خاصة وقع الاطلاع فيها على قبول الصدقة برؤيا صادقة اتفاقية فمن اين يقع تعميم الحكم فالجواب ان التنصيص في هذا الخبر على رجاء الاستعفاف هو الدال على تعدية الحكم فيقتضى ارتباط القبول بهذه الاسباب انتهى.
[فصل
وولايتها إلي الامام ظاهرة وباطنة حيث تنفذ أوامره فمن أخرج بعدالطلب لم تجزه ولو جأهلا ويحلف للتهمة ويبين مدعي التفريق وانه قبل الطلب والنقص بعدالخرص وعليه الايصال ان طلب ويضمن بعدالعزل الا باذن الامام أو من اذن له بالاذن وتكفي التخلية إلي المصدق فقط ولا يقبل العامل هديتهم ولا ينزل عليهم وان رضوأ ولا يبتع أحد ما لم يعشر أو يخمس ومن فعل رجع على البائع بما ياخذه المصدق فقط فنية المصدق والامام تكفي لا غيرهما] .
قوله: فصل: "وولايتها إلي الامام ظاهرة وباطنة".
أقول: أمر الزكاة قد كان إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك ولا شبهة وكا يبعث السعادة لقبضها ويأمر من عليهم الزكاة بدفعها اليهم وإرضائهم واحتمال معرتهم وطاعتهم ولا يسمع في أيام النبوة ان رجلا أو أهل قرية صرفوا زكاتهم بغير اذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أمر لايجحده من له ادنى معرفة بالسيرة النبوية وبالسنة المطهرة.