وقد انضم إلي التوعد على الترك والمعاقبة بأخذ شطر المال وعدم الاذن لأرباب الاموال بأن يكتموا بعض اموالهم من الذين يقبضون منهم الصدقة بعد ان ذكروا له انهم يعتدون عليهم ولو كان اليهم صرف زكاة اموالهم لأذن لهم في ذلك.
وأيضا جعل الله سبحانه للعامل على الزكاة جزءا منها في الكتاب العزيز فالقول بأن ولايتها إلي ربها يسقط مصرفا من مصارفها صرح الله سبحانه به في كتابه.
وأما المعارضة لهذا الامر الذي هو أوضح من شمس النهار بأن خالد بن الوليد حبس ادراعه واعتاده في سبيل الله فهذا على تقدير ان حبسها عن الزكاة لا يكون منه الا باذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا صار ذلك معلوما عندالنبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم ان خالدا لا يأخذ جواز هذا التحبيس وإجزاءه عن الزكاة الا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لان مثل ذلك لا يعلم الا من الشرع والاذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم لرب المال بالصرف في حكم القبض للزكاة منه وأما على تقدير ان المراد بقوله انه قد حبس ادراعه واعتاده في سبيل الله ان من كان هذا فعله في التقرب إلي الله سبحانه بوقف اخص املاكه واحبها اليه مع مزيد حاجته اليها يبعد عنه ان يمنع الزكاة فلا دلالة له على مراد القائل بالمعارضة.
وأما ابن جميل الذي قيل للنبي صلى الله عليه وسلم إنه قدمنع من دفع الصدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما ينقم ابن جميل الا انه كان فقيرا فأغناه الله" فليس فيه ما يعارض ما تقدم فإن هذا الذم له فيه اعظم دلالة على تحريم ما وقع منه من المنع وليس فيه انه صرفها إلي مصارفها وقرره صلى الله عليه وسلم على ذلك.
وهكذا المعارضة بقضية ثعلبة بن حاطب لا وجه لها فإن ذلك رجل اخبر الله سبحانه انه اعقبه نفاقا في قلبه ولهذا امتنع صلى الله عليه وسلم من قبضها منه لما جاء بها بعد ذلك وكذلك امتنع من قبضها منه الخلفاء الراشدون.
والحاصل انه ليس في المقام ما يدل على ان أمر الزكاة إلي ارباها في زمن النبوة قط وبه يندفع جميع ما ذكره الجلال في شرحه هاهنا فإنه لم يأت بشيء بعتد به في المعارضة.
وإذا تقرر هذا فقد ثبت ان ما كان امره إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إلي الائمة من بعده ومن ذلك ما في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنها ستكون بعدي اثرة وامور تنكرونها" قالوا: يا رسول فما تأمرنا؟ قال:"تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم".
وأخرج مسلم وغيره من حديث وائل بن حجر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل يساله فقال: أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعون حقنا ويسألون حقهم فقال: "اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم" وفي الباب احاديث.
وإذا عرفت هذا علمت ان الدفع إلي الامام واجب لجميع أنواع الصدقات الا ان يأذن لرب المال بالصرف جاز له ذلك وأما تغيير ذلك بكونه نافذ الامر والنهي في البلد التي فيها رب