للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تخمير الرأس في حق المحرم الحي فمجمع على تحريمه وأما وجهه فقال مالك وأبو حنيفة هو كرأسه وقال الشافعي والجمهور لا إحرام في وجهه وله تغطيته وأنه يجب كشف الوجه في حق المرأة.

والحديث حجة عليهم وهكذا حكى المأوردي الاجماع على تحريم تغطية الرأس ومما يدل على منع الرجل من تغطية رأسه ما في الصحيحين وغيرهما من نهيه صلى الله عليه وسلم من لبس العمامة والبرنس كما تقدم.

وأما تغطية وجه المرأة فلما روى ان إحرام المرأة في وجهها ولكنه لم يثبت ذلك من وجه يصلح للاحتجاج وأما ما أخرجه أحمد "٦/٣٠"، وابو دأود "١٨٣٣"، وابن ماجه "٢٩٣٥"، من حديث عائشة قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذونا سدلت احدانا جلبابها من راسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه وليس فيه ما يدل على ان الكشف لوجوههن كان لأجل الاحرام بل كن يكشفن وجوههن عند عدم وجود من يجب سترها منه ويسترنها عند وجود من يجب سترها منه وهكذا ما رواه الحاكم وصححه من حديث أسماء بنحوه فإن معناه معنى ما ذكرناه فليس في المنع من تغطية وجه المرأة ما يتمسك به والاصل الجواز حتى يرد الدليل الدال على المنع.

قوله: "والتماس الطيب"

أقول: اعلم ان تحريم الطيب على من قد صار محرما مجمع عليه والاحاديث القاضية بتحريمه عليه كثيرة ثابتة في الصحيحين وغيرهما وليس الخلاف الا في استمرار المحرم على طيب كان قد تطيب به قبل ان يحرم ثم لم يغسله عنه عند الاحرام فظاهر حديث عائشة الثابت في الصحيحين [البخاري "١٠/٣٧٠"، مسلم "٣٦، ٣٧/١١٨٩"] ، انها قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه بأطيب ما اجد.

وفي لفظ [مسلم "٤٤/٩٩"] ، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد ان يحرم تطيب بأطيب ما يجد ثم أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك انه يجوز الاستمرار على الطيب الواقع قبل الاحرام ولا يجب غسله وإلي هذا ذهب الجمهور.

وفي لفظ لمسلم "٣٩/١١٩٠"، وغيره [البخاري "٣/٣٩٦"، أبو داود "١٧٤٦"، من حديثها كأني انظر إلي وبيص المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم وأخرج أبو دأود "١٨٣٠"، عن عائشة قالت كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلي مكة فنضمخ جباهنا بالسك المطيب عند الاحرام فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي صلى الله عليه وسلم ولا ينهانا ورجال إسناده ثقات الا الحسين بن الجنيد شيخ أبي دأود وقد قال النسائي لا بأس به وقال ابن حبان في الثقات إنه مستقيم الامر.

فالحاصل ان الممنوع من الطيب إنما هو ابتداؤه بعدالاحرام لا استدامته والاستمرار عليه إذا وقع قبل الاحرام وقد حققت هذا البحث في شرحي للمنتقى بما لا يحتاج الناظر فيه إلي زيادة عليه.

<<  <   >  >>