ترك نسكا فعليه دم" وأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حجة في قول غيره ولكنه ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمرو وانه قام إلي النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال كنت احسب ان كذا قبل كذا ثم قام اليه آخر فقال كنت احسب ان كذا قبل كذا حلقت قبل ان انحر نحرت قبل ان ارمي وأشباه ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "افعل ولا حرج لهن كلهن"، فما سئل يومئذ عن شيء الا قال: "افعل ولا حرج"، وفي الباب أحاديث وليس في شيء منها ذكر تقديم السعي على الطواف الا ان يكون مثل ذلك داخلا في مثل هذا العموم وأما ما وقع في حديث اسامه عند أبي دأود بلفظ: سعيت قبل أن أطوف, فقد قال الحفاظ انه ليس بمحفوظ.
قوله: "وللرجل صعود الصفا والمروة والدعاء فيهما".
أقول: قد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من طوافه اتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلي البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء ان يدعو وهكذا ثبت في الصحيح من حديث جابر وفيه فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره ثم قال في آخره ثم نزل إلي المروة حتى انصبت قدماه في بطن الوادي حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا وقد قدمنا حديث: "إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا ورمى الجمار لإقامة ذكر الله"، ولم يرد ما يدل على تخصيص الرجال بصعود الصفا والمروة.
وأما مشروعية السعي بين الميلين فقد قدمنا ما يدل على ذلك قريبا.
قوله: "الرابع الوقوف بعرفة".
أقول: الدليل على ان هذا منسك من مناسك الحج ما قدمناه من فعله صلى الله عليه وسلم الذي وقع بيانا لمجمل الكتاب والسنة مع ما انضم إلي ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة"، كما في حديث عبد الرحمن بن يعمر عند أحمد وأهل السنن وابن حبان والحاكم والدارقطني والبيهقي.
وأخرج أحمد "٤/١٥"، وأهل السنن [أبو داود "١٩٥٠"، الترمذي "٨٩١"، النسائي "٢٦٤"، ابن ماجة "٣١٦"، وصححه الترمذي "٣/٢٣٩"، من حديث عروة بن مضرس عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه"، وقضى تفثه ورجال إسناده رجال الصحيح ومحمد بن اسحاق قد صرح فيه بالتحديث وقد صححه جماعة من الحفاظ.
وأما قوله وكلها موقف الا بطن عرنة فلما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث جابر انه صلى الله عليه وسلم قال: "وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف، ووقفت ها هنا وجمع كلها موقف"، يعني المزدلفة.