جميعه كما قال المصنف لأنه ظاهر قوله:{أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} فلو ولدت أحد التوأمين لم يصدق عليها انها وضعت حملها بل وضعت بعضه.
قوله:"والحائض بثلاث حيض".
أقول: هذا هو الحق وإن كان لفظ القرء في لسان العرب مشتكرا بين الطهر والحيض أو حقيقة في أحدهما مجازا في الاخر لكن لما كان الشارع لا يستعمله الا في الحيض كما نقله المحققون كان ذلك كالحقيقة الشرعية وهي مقدمة على الحقيقة اللغوية وقد انكر صاحب الكشاف إطلاق القرء على الطهر.
قال ابن القيم إن لفظ القرء لم يستعمل في كلام الشارع الا للحيض ولم يجيء عنه في موضع واحد استعماله للطهر إلي أن قال: فإذا ثبت استعمال الشارع للقرء في الحيض علم ان هذا لغته فتعين حمله عليها في كلامه قال ويدل على ذلك ما في سياق الآية من قوله: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}[البقرة: ٢٢٨] ، وهذا المخلوق هو الحيض والحمل عند عامة المفسرين قال وبهذا قال السلف والخلف ولم يقل أحد إنه الطهر وأيضا فقد قال سبحانه:{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ}[الطلاق: ٤] ، فعلق الحكم بعدم الحيض لا بعدم الطهر وقد اطال ابن القيم رحمه الله في تحقيق هذا البحث وأطاب.
وإذا تقرر لك ان الاستعمال النبوي واستعمال السلف والخلف للقرء في الحيض لا في الطهر وجب حمل ما في الآية من قوله عز وجل:{ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} على الحيض لا على الاطهار.
ويدل على هذا ما أخرجه ابن ماجه بإسناد رجاله ثقات عن عائشة قالت: أُمرت بريرة ان تعتد بثلاث حيض هذا مع ما في حديث ابن عباس عند أحمد والدارقطني ورجاله رجال الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم خير بريرة فاختارت نفسها وامرها ان تعتد عدة الحرة فكانت عدة الحرة هي الثلاث الحيض.
ومما يدل على ما ذكرناه ما أخرجه الترمذي وأبو دأود من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"طلاق الامة تطليقتان وعدتها حيضتان"، وفيه مقال معروف وقد قدمنا بيانه.
وشهد له ما أخرجه ابن ماجه والدارقطني من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"طلاق الأمة اثنتان وعدتها حيضتان".
وقد قدمنا في حديث امراة ثابت بن قيس بن شماس ان النبي صلى الله عليه وسلم امرها ان تعتد بحيضة.
وقد قدمنا أيضا في سبايا أوطاس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ولا حائض حتى تستبرأ بحيضة"، والاستبراء هو عدة مختصرة فكان النص على الحيض فيه معنويا لكون عدة الحرائر بالحيض لا بالطهر.