وأما تقييد ذلك بقوله: ولما يرتد احدهما فلا حاجة اليه لأن المرتد منهما ان استمر على ردته فإن كان الزوج هو الذي ارتد فمعلوم أنه لا يجوز للكافر نكاح المسلمة لا بإذنها ولا بغير إذنها بل تتربص حتى تنقضي عدتها ثم تنكح من شاءت وإن كانت المرتدة هي الزوجة فكذلك لا يجوز للزوج ان يراجعها وهي كافرة كما قال تعالي: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}[الممتحنة: ١٠] .
وأما إذا ارتد احدهما بعد طلاق ثم رجع إلي الإسلام قبل انقضاء العدة فقد عرفناك فيما سبق ان الفرقة قد وقعت بالطلاق وأنها لا يتبعها الفسخ لان المحل غير قابل لذلك ما تقدم في كون الطلاق لا يتبع الطلاق.
قوله:"ويعتبر في الحائض كمال الغسل" الخ.
أقول: قد ذهب إلي هذه جماعة من الصحابة ولكن الحق الذي لا ينبغي العدول عنه هو الرجوع إلي انقضاء العدة التي شرعها الله للمعتدات فإذا انقضت الحيضة الثالثة انقضت العدة وليس الغسل الا لجواز مثل الصلاة والتلأوة ودخول المسجد لا لأمر يرجع إلي العدة فإنها قد انقضت ومضت ولم يبق لها حكم.
وأما قوله:"وتصح وإن لم تنو" فإن أراد ان النية غير واجبة في الرجعة فمدفوع بانها عمل وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الاعمال بالنيات"، وإن أراد انها واجبة ولا تبطل الرجعة بتركها بناء على ان الرجعة التي شرعها الله قد وقعت واثم التارك للنية لا يستلزم بطلان الرجعة فهذا له وجه ولكن كيف يتصور ان تقع الرجعة من الفاعل ولم ينوها فإن نفس القصد إلي الرجعة يستلزم حصول النية لأن النية هي القصد وقد وقع فإن قدرنا مثلا أنه جاء بلفظ يفيد الرجعة وهو غير قاصد للرجعة فليست هذه برجعة اصلا لأن تلفظ المتكلم بما لا يريده لاحكم له بل هو من اللغو الباطل والهذيان البحت.
وهكذا لو قدرنا أنه وطئها لا بنية الرجعة فإن هذا الوطء ليس برجعة شرعية بل هو بالزنا اشبه ولعل الذي حمل المصنف على هذا المشي على ما قدمه من قوله ويجب النية لا الاستئناف فيهما ولكن هذا يرد عليه هنالك كما يرد عليه هنا.
قوله:"أما بلفظ العاقل أو بالوطء" الخ.
أقول: أما اللفظ فظاهر ان الله سبحانه شرع للأزواج الرجعة وليس المراد بها إلا أن يراجعها إلي نكاحه بان يقول قد ارجعتك أو راجعت فلانة أو يؤذنها بأنها تعود إلي ما كانت عليه أو يامرها بأن تدخل إلي المكان الذي كانا يجتمعان فيه وهي غير مطلقة وهو يعلم انها تفهم من ذلك الرجعة.
وأما مراجتها بالوطء باديء بدء بأن لا تشعر الا وقد اقتحم عليها وأخذ برجلها ونكحها فهذا وإن كان رجعة لأنه لا يفعله الا من أراد الرجوع فيما كانا فيه من النكاح ومجرد القصد إلي هذا قبل صدوره منه يفيد الرجعة ولكن هذه الرجعة دوأبية لا إنسانية فضلا عن ان تكون شرعية