وإنما يفعل مثل هذا الفعل الزناة ولم يكن له إلي ذلك حاجة فإنه كان يكفيه ان يناديها من وراء الباب للمنزل الذي هي فيه أنه قد راجعها ثم يدخل بعد ذلك سريعا ويطأها كيف شاء وعلى أي صفة أراد فيكون قد وقع منه الاشعار وفعل ما يعفله المتشرعون ولم يفت عليه قضاء حاجته والبلوغ إلي شهوته.
وأما قوله:"ويأثم الفاعل إن لم ينوها به" فهذا مع عدم النية لم يرد الرجعة بل أراد الزنا وليست هذه رجعة شرعية. وأما كونها تصح بلا مراضاة فصحيح لان الله سبحانه أباح ذلك للأزواج ولم يعتبر رضا الزوجات.
وأما كونها تصح مشروطة فللزوج ذلك وقد يكون له في الشرط فائدة تحت الزوجة على كمال الطاعة وهكذا تصح الرجعة المبهمة ويرجع اليه في التعيين فإن عين من هي المقصود له تعينت وإن لم يعين حتى مات فإحداهما زوجة تستحق الميراث ويكون الميراث بينهما ويجب عليهما العدة.
وأما قوله:"ومولاة" فصحيح كما قدمنا في أول هذا الفصل ولا وجه لقول المصنف فقط فإنه إن أراد إخراج رجعة من لم يكن بزوج مع عدم رضا الزوج فذلك معلوم لا يحتاج إلي ذكره وإن أراد أنه لا يصح منه التوكيل بها ونحوه فهو مخالف لما هنا فإن التولية نعم التوكيل.
وأما قوله:"وفي إجازتها نظر" فلا وجه لهذا النظر لأن إجازة الرجعة رجعة.
قوله:"ويجب الاشعار".
أقول: لا شك في ان هذا واجب على الزوج للزوجة ولا سيما إذا كان ترك الاشعار لها يؤدي إلي ان تقع في محظور من إجابة خطبة من يخطبها أو الدخول في نكاح من يريد نكاحها بل الظاهر وجوب الاشعار لمن يتصل به ويجأوره لئلا يظنوا به مالا يحل واجتناب ذلك واجب بل قد ورد ما يدل على وجوب الاشهاد فأخرج أحمد وابن ماجه والطبراني والبيهقي بسند صحيح عن عمران بن الحصين أنه سئل عن الرجل يطلق امراته ثم يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجتها فقال: طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة اشهد على طلاقها وعلى رجتها ولا تعد فإن قوله: لغير سنة يدل على أنه قد عرف من السنة ما يفيد الاشهاد فهو كقول الصحأبي من السنة كذا.
ومما يؤيد هذا:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق: ٢] ، فإنه وارد عقب قوله:{فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}[الطلاق: ٢] ، وقد وقد الاجماع على عدم وجوب الاشهاد في الطلاق واتفقوا على الاستحباب.
قوله:"ويحرم الضرار".
أقول: الضرار محرم على كل حال وهو اشد تحريما لمن وصى الله بهن عباده كما تقدم ولمن قال في حقهن {وَلا تُضَارُّوهُنَّ}[الطلاق: ٦] ، ولمن قال في حقهن {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ