للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: "ظاهرتك وانت مظاهرة".

أقول: إن الظهار الذي نص عليه القرآن الكريم المراد به ما كانت توقعه الجأهلية ويجعلونه طلاقا وكانوا يقولون انت على كظهر امي فتصير المرأة بذلك مطلقة فمعنى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٣] يوقعون عليهن ما كانت توقعه الجأهلية على نسائهم فمن أراد هذا المعنى بلفظ يدل عليه كقوله ظاهرتك وانت مظاهرة أو انت الظهار كان ذلك صحيحا والأرادة جارية على مقتضى اللغة كما لو قال في الطلاق انت الطلاق ونحو ذلك ولا يمنع من هذا شرع ولا عقل ولا لغة.

قوله: "أو يشبهها أو جزءا منها بجزء من امه نسبا".

أقول: هذا صواب لأن اجزاء الام متفقة فلا فرق بين الظهر وغيره وأما تشبيه مثل الزوجة بابنته واخته أو جزء منها بجزء منها فهذا خارج عن معنى النص وإن كان معنى الحرمة موجودا والقول بالقياس لا يكون الا بجامع الحرمة وجامع الحرمة موجود في الاجنبيات فضلا عن القرائب فإن أريد التحريم المؤبد لزم ذلك في مثل الملاعنة. والحاصل ان هذا القياس لا ينبغي ان يقال به ها هنا فإن الله سبحانه قد وصف المظاهرين بانهم: {لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً} [المجادلة: ٢] ، فلا ينبغي توسيع دائرة ما هذا شأنه بل يقصر على موردا لنص وهن الامهات من النسب وقد استرسل بعض أهل العلم في هذا القياس حتى قال: إن مجرد تحريم الوطء المطلق ظهار وهو باطل من القول وغلط في الاستدلال.

وأما اعتبار ان يكون ذلك الجزء مشاعا فظاهر لأنه يدخل فيه كل جزء من أجزاء البدن بقدر ما سمى.

وهكذا قوله أو عضو متصل فإنه لا يشترط ان يكون الذي سماه هو الفرج أو ما يدخل فيه الفرج أو جزء منه ليكون موردالنص هو تشبيه الزوجة بظهر الام وهو غير الفرج ولا يدخل فيه شيء منه.

وأما قوله: "ولو شعر أو نحوه" فمبني على أنه يعود على مسمى العضو وهو يتخالف كما في كتب اللغة.

قوله: "فيقع ما لم ينو غيره".

أقول: قد الزم رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم الظهار من ظاهر في الإسلام وهو لم يرد الا ما كانت تريده الجأهلية ولم يكن قد تبين حكم الظهار في الإسلام حتى يكون مرادا له وقد ورد الإسلام بنسخ كون الظهار الذي كانت تفعله الجأهلية طلاقا وأوجب فيه الكفارة ولا يخفى ان من نوى الظهار ما كانت تنويه الجأهلية به وهو الطلاق فقد صار مظاهرا ولزمته أحكام الظهار التي بينها الكتاب والسنة لأن السبب وارد فيمن أراد ظهار الجأهلية وهو الطلاق فقوله فيقع مالم ينو غيره غير مسلم بل يقع ولو نوى به الطلاق.

وأما إذا نوى اليمين فقد نوى به غير معناه اللغوي والشرعي وليس هذا اللفظ من ألفاظ

<<  <   >  >>