اليمين فلا يقع ظهارا لعدم نيته له ولا للطلاق ولا يقع يمينا لان الجأهلية لم تستعمله في ذلك ولا فيه ما يفيد اليمين.
وأما إذا أراد تحريم العين فهو يصدق عليه أنه قد أراد ما كانت عليه الجأهلية فإنهم لا يريدون بقولهم للنساء هن عليهم كظهور امهاتهم الا التحريم الذي يستلزم الفرقة لان الشرع اقر أرادة التحريم وإن جعلها منكرا من القول وزورا ورتب عليها ما رتب من التكفير.
ومما يؤيد هذا ما أخرجه أهل السنن [أبو داود "٢٢٢١"، الترمذي "١١٩٩"، ابن ماجة "٢٠٦٥"، النسائي "٣٤٧٥"] ، وصححه الترمذي والحاكم من حديث ابن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته فوقع عليها, فقال: يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال: "ما حملك على ذلك يرحمك الله؟ " فقال: رأيت خلخالها في ضوء القمر, فقال صلى الله عليه وسلم:"فلا تقربها حتى تفعل ما امرك الله"، فإن قوله قبل ان اكفر يفيد أنه أراد الظهار الشرعي وأنه وقع منه ذلك بعد ورودالشرع به فوجب عليه ما وجب على المظاهر وهذا إذا أراد تحريم العين بما جاء به من لفظ الظهار وأما إذا قال حرمتها أو هي حرام فليس شيء لأنه حرم على نفسه ما لم يحرمه الله عليه وليس له ان يشرع لنفسه ما لم يشرع الله لها ولهذا ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس أنه قال: إذا حرم الرجل امراته فهي يمين يكفرها, وقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١] ، وقد اطلنا المقال في هذا البحث في شرحنا للمنتقى فليرجع اليه.
وأما قوله:"وكنايتها كأمي ومثلها" الخ فصحيح لأن اللفظ إذا احتمل معنيين أو معاني لم ينصرف إلي احدهما الا بالنية من المتكلم.
وأما قوله:"وحرام" فليس بشيء كما عرفت.
وأما قوله:"وكلاهما كناية طلاق" فقد قدمنا لك ان الشرع نسخ ما كانت تفعله الجأهلية من الظهار مريدين به الطلاق وظاهر هذا أنه لا يقع به الطلاق اصلا وإن أراده لأنه أراد ما لم يصح في الشريعة.
قوله:"ويتوقت".
أقول: لما أخرجه أحمد "٤/٣٧، ٥/٤٣٦"، وابو دأود "٢٢١٣"، والترمذي "١١٩٨، ٣٢٩٩"، وحسنه وصححه ابن خزيمة وابن الجارود والحاكم من حديث سلمة بن صخر قال كنت امرءا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري فلما دخل رمضان ظاهرت من امرتي حتى ينسلخ رمضان الحديث وهو يدل على صحة توقيت الظهار وقد اثبت النبي صلى الله عليه وسلم أحكام الظهار كما في بقية الحديث وفيه طول وفيه أنه واقعها قبل انقضاء رمضان وأما قوله:"ويتقيد بالشرط والاستثناء" فظاهر لعدم المانع من ذلك.
وأما قوله:"إلا بمشيئة الله" يعني فإنه لا يصح تقييده بها لان الله سبحانه لا يشاؤه لوصفه