للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العود فصحيح كما صرح به الكتاب العزيز قال الله عز وجل: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: ٣] ، واختلفوا هل العلة في وجوبها العود أو الظهار بعد اتفاقهم على انها تجب الكفارة بعد العود؟.

فذهب قوم إلي الأول وذهب آخرون إلي الثاني وذهبت طائفة ثالثة إلي ان العلة مجموع العود والظهار ثم اختلفوا في العود ما هو فقيل إنه أرادة المس لما حرم بالظهار وقيل بل هو إمساكها بعد الظهار وقتا يسع الظهار ولم يطلق وقيل هو العزم على الوطء فقط وإن لم يطأ وقيل هو الوطء نفسه وقيل إعادة لفظ الظهار.

والظاهر ان المراد به العود من الحالة التي هو فيها وهي التحريم بالظهار إلي الحالة التي كان عليها وهو كون الوطء حلالا بموجب عقد النكاح وهذا هو الذي تقتضيه اللغة وتنطبق عليه الأدلة كما لا يخفى فإنه إذا عزم الرجل على شيء فقال إنه قد عاد عما عزم عليه كان المفهوم من هذا العود هو الرجوع من العزم على ذلك الشيء إلي عدم العزم عليه فالعائد هو هذا.

قوله: "ولا يهدمه الا الكفارة".

أقول: هذا صحيح وهو الذي ذكره الله سبحانه وجاءت به السنة المطهرة ومن قال إنه يهدمه غير الكفارة فهو إنما نظر إلي أنه قد حصل موجب للتحريم أما مطلقا أو مقيدا وليس الكلام في هذا إنما الكلام في الشيء الذي يصير به منهدما حتى يكون وجوده كعدمه.

وأما مثل الطلاق ونحوه مما تحصل به الفرقة فذلك لا يوجب رفع ما كان قد اقترفه من أمر الموجب لما أوجبه الله من الكفارة عند ان يريد عودها إلي نكاحه.

قوله: "وهي عتق" الخ.

أقول: التقييد لإجزاء الصوم بعدم وجود رقبة يعتقها ثم تقييد إجزاء الاطعام بعدم الاستطاعة للصوم هو الذي صرح به الكتاب العزيز وصرحت به السنة المطهرة في مظاهرة أوس بن الصامت لزوجته خولة بنت مالك بن ثعلبة.

وأما قوله: "لم يطأ فيهما" فهو أمر مجمع عليه كما حكاه ابن القيم وغيره فإنه قال لا خلاف في تحريم وطئها في زمن الصوم ليلا ونهارا.

وأما اشتراط ان يكون الصوم متتابعا فلذكر التتابع في الكتاب العزيز والسنة المطهرة وظاهر ذلك ان من لم يتابع لم يفعل ما أمر الله سبحانه ولا صام الصوم الذي شرعه الله فيستأنف وأما إذا كان ترك التتابع لعذر مسوغ فذلك لتقييد ما أوجبه الله سبحانه بالاستطاعة وهذا لم يستطع فلا يجب عليه الاستئناف.

وأما قوله: "فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا" فهذا هو الذي صرح به القرآن والسنة وأما قوله: "أو تمليكهم كاليمين" فمراده ان يدفع اليهم ما يأكولنه وذلك هو إطعام إذ لا فرق في صدق مسمى الاطعام بين ان يهيء لهم طعأما يأكلونه أو يدفع إلي كل واحد من الطعام ما يأكله وقد ورد في الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر"، كما

<<  <   >  >>