في حديث أوس بن الصامت وورد في حديث سلمة ابن صخر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه مكتلا فيه خمسة عشر صاعا فقال:"أطعمه ستين مسكينا".
وظاهر القرآن والسنة أنه يطعم ستين مسكينا مرة واحدة أما ان يهيء لهم طعأما يأكلونه عنده أو بأن يدفع إلي كل واحد ما يأكله ولا يجب الاطعام مرتين ولا دليل علي ذلك.
قوله:"وياثم إن وطيء فيه".
أقول: وقع في الكتاب العزيز التقييد بقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}[المجادلة: ٣] ، في العتق والصوم ولم يقع التقييد به في الاطعام فالظاهر عدم الإثم في الاطعام وعدم الاستئناف لأن ترك التقييد فيه مشعر بان احكمه غير حكم ما وقع التقييد فيه إعمالا للكتاب العزيز ورجوعا إلي البراءة الاصلية ومن زعم ان الاطعام لاحق بالعتق والصوم بالقياس بعدم الفارق فزعمه هذا رد عليه فإن التنصيص في الكتاب العزيز على البعض دون البعض دليل على الفرق وإن لم يعلمه {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً}[مريم: ٦٤] ، {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ٣٨] .
على أنه قد قيل إن عدم وجوب الاستئناف في الاطعام مجمع عليه وهذا الاجماع إن صح يندفع به القياس وتبطل معه دعواه.
وأما قوله:"ولا يجزء العبد الا الصوم" فمبنى على ان العبد لا يملك فلا يجب عليه ما هو مال وأما قوله: "ومن أمكنه الاعلى في الادنى استأنف به" فلا وجه له فإنه فعل ما هو الواجب عليه ودخل فيه حال كونه لا يجب عليه غيره فتجدد الوجوب عليه بعد التلبس بما هو الواجب عليه تكليف له بما لم يكلف به.
وأما كون العبرة بحال الأداء فصحيح لان اعتبار غيرها مع استمرار الوجوب عليه يحتاج إلي دليل.
وأما كونها تجب النية فظاهر لان التكفير عمل والاعمال بالنيات ولو كان ذلك في كفارتي متحدي السبب فإن التعيين بالنية واجب لأن كل واحدة منهما عمل والاتحاد لا يبطل ذلك ولا يرفع الوجوب.
وأما قوله:"ولا تتضاعف الا لتعدد المظاهرات" فصحيح لان الله سبحانه لم يوجب في الظهار الا كفارة واحدة فمن زعم أنه يجب غير ذلك فقد ادعى مالا دليل عليه وقد قدمنا الدليل على عدم تعود الكفارة وأنه مذهب الجمهور. وهكذا تعدد الكفارة إذا تخلل العود والتكفير بين الظهارين لأن كل واحد منهما أوجب الشرع فيه كفارة وإن كانت المظاهرة واحدة ومثل هذا ظاهر لا يحتاج إلي التنصيص عليه.