قوله: فصل: "ويطلبه الزوج" الخ.
أقول: الطلب من كل واحد منهما يكون لاحد غرضين أولهما معا الأول انتفاء نسب الولد من الزوج وغرض الزوج من ذلك أنه لا يلحق به من هو من غيره وغرضها ان يكون ابنا لها على الاستقلال.
الثاني دفع الحد فغرض الزوج باللعان ان لا يحد حد القذف وغرضها ان لا تحد حد الزنا.
وأما كون من أغراض الزوج إسقاط الحق من نفقة عدة ونحوها فذلك لا يتم الا على القول بوجوب النفقة ونحوها لكل مطلقة رجعيا كان أو بائنا وقد عرفت ما قدمنا من أنه لا نفقة ولا سكنى للمطلقة بائنا فالزوج يمكنه ان يسقط عن نفسه ذلك بطلاق بائن من غير اقتحامه لهذه العقبة الكوود.
قوله: "فيقول الحاكم بعد حثهما على التصادق".
أقول: قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أنه قال لهما: "إن عذاب الدنيا اهون من عذاب الاخرة" وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين [البخاري "٥٣١٢"، مسلم "١٤٩٣"] ، وغيرهما [أبو داود "٢٢٥٧"، النسائي "٦/١٧٧"، أحمد "٤٥٨٧"] ، أنه قال لهما: "الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ".
وأما قوله: "قل: والله إني لصادق فيما رميتك به من الزنا" فقد علمنا الله سبحانه كيف يقول المتلاعنان فلا حاجة إلي الزيادة على ذلك ولا في إحضار الولد.
وأما قوله: "فإن قدمها أعاد ما لم يحكم" فوجهه أن القرأن قدم إيمان الزوج على إيمان الزوجة فتقديمها مخالف لما علمنا الله به وأرشدنا إليه وهكذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في اللعان الواقع لديه الرجل على المراة وأيضا قولها والله إنه لكاذب جواب عن قوله إنه لصادق والجواب لا يتقدم على ما هو جواب عليه.
قوله: "ثم يفسخ ويحكم بالنفي".
أقول: قد ثبت في الصحيحين وغيرهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال للزوج: "لا سبيل لك عليها" وفي الدارقطني من حديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرق بين المتلاعنين وقال: "لا يجتمعان أبدا"، وهكذا روى من حديث ابن عباس [أبو داود "٢٢٥٦"] ، ومن حديث علي وابن مسعود.
وأما نفي الولد فثبت في الصحيحين [البخاري "٥٣١٥"، مسلم "٨/١٤٩٤"، وغيرهما [أبو داود "٢٢٥٩"، الترمذي "١٢٠٣"، النسائي " ٦/١٧٨"، أحمد "٢/٧، ٣٨، ٦٤، ٧١"] ، من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين المتلاعنين والحق الولد بالمرأة.
وأما ما ذكره من سقوط الحد فلا ينبغي ان يقع فيه خلاف لأن ذلك هو موجب اللعان وهكذا كونه ينفي النسب لأن ذلك موجب اللعان أيضا وهكذا كونه ينفسخ النكاح بمجرد اللعان لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا سبيل لك عليها".