وأما ما ثبت في الصحيحين [البخاري "٥٣٠٨"، مسلم "١٤٩٢"] ، من ان عويمرا العجلاني لما فرغا من اللعان قال كذبت عليها يا رسول الله إن امسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يامره رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس في ذلك حجة الا أنه ثبت في الصحيحين وغيرهما عن الزهري أنه قال فكانت سنة المتلاعنين وفي الصحيحين وغيرهما أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ذاكم التفريق بين كل متلاعنين"، وفي لفظ لمسلم وغيره أحمد "وكان فراقه إياها سنة في المتلاعنين".
وأخرج أبو دأود بإسناد رجاله رجال الصحيح عن سهل بن سعد في خبر المتلاعنين قال: فطلقها ثلاث تطليقات فانفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ما صنع عند النبي صلى الله عليه وسلم سنة والحاصل أنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق ما بينهما قبل الطلاق كما تقدم فالفرقة بتفريق الحاكم مغنية عن الطلاق فإن وقع الطلاق فذلك تأكيد للقرعة ولا تتوقف الفرقة عليه وإنما نسبه إلي السنة لكونه وقع بحضرته صلى الله عليه وسلم ولم ينكره.
وأما كونه يرتفع الفراش فلكونها قد حرمت عليه تحريما مؤبدا كما تقدم عنه صلى الله عليه وسلم بلفظ:"لا يجتمعان أبدا".
وأما قوله:"لا بدون ذلك مطلقا" فصحيح لكونه لم يكمل السبب.
وأما قوله:"ويكفي عن ولد بعده" الخ فلكونه حملا واحدا لا يصح النفي لبعضه دون البعض.
قوله:"ويصح الرجوع عن النفي" الخ.
أقول: الرجوع عن النفي رجوع عن اللعان وإقرار ببطلان أيمانه وأنه مفتر عليها وقاذف لها فبطل اللعان من اصله ولا يبقى شيء من أحكامه لا تحريم ولا غيره ولا فرق بين ان يرجع قبل موت الولد أو بعده وتجويز ان يكون رجوعه طمعا في الميراث لا يدفع ما هو الظاهر فيرثه ويلحقه ولده.
وأما كونه لا يصح نفي الولد بعد الاقرار فظاهر لان الاقرار يكذب النفي.
وأما مجرد السكوت مع علمه بأن له النفي فلا وجه لجعله مبطلا لان له حقا في النفي لا يبطل الا بابطاله باقرار صحيح أو ما يقوم مقامه.
وأما قوله:"فلا يصح النفي بدون حكم ولعان" فلكون الطريق الشرعية إلي ذلك هو اللعان فمن جاء من طريق غيرها فقد جاء بخلاف الشرع.
وأما قوله:"ولا لمن مات أو أحد ابويه قبل الحكم" فلا وجه له بل إذا أمكن اللعان فالسبب الذي يكون به النفي موجود سواء كان الولد حيا أو ميتا وأما إذا كان الميت أحد الزوجين قبل أن يقع اللعان فقد بطل السبب وهو اللعان بموته.