للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التقدير بالكيل والوزن وهذا هو أحد الأقوال في تعيين العلة التى تقتضي الربا مع الاتفاق في الجنس وقد قيل إنه قال بهذا العترة جميعا وحكى عن أبي حنيفة واصحابه واستدلوا على ذلك لذكر النبي صلى الله عليه وسلم للوزن كما في حديث أبي سعيد عند مسلم "٧٧/١٥٨٤"، وغيره أحمد "٢/٥٣، ٦١" بلفظ: "لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء"، ومثل هذا عند مسلم "٩١/١٨٩١"، وغيره "أحمد ٢/٢٦٢"، النسائي "٤٥٦٩"، من حديث أبي هريرة قال فيه: "الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل والفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل"، وهكذا في حديث فضالة بن عبيد بن مسلم وغيره قال: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن"، وورد ذكر الكيل في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة أن يبيع الرجل تمر حائطه إن كان نخلا بتمر كيلا وإن كان كرما أن يبيعه بزبيب كيلا وإن كان زرعا أن يبيعه بكيل طعام وورد في حديث آخر: "لا صاعين بصاع" ولا يخفاك أن ذكره صلى الله عليه وسلم للكيل والوزن في الأحاديث لبيان ما يتحصل به التسأوي في الأجناس المنصوص عليها فكيف كان هذا الذكر سببا لإلحاق سائر الأجناس المتفقة في الكيل والوزن بهذه الأجناس الثابتة في الأحاديث وأي تعدية حصلت بمثل ذكر ذلك وأي مناط استفيد منها مع العلم أن الغرض بذكرها هو تحقيق التساوي كما قال: "مثلا بمثل سواء بسواء" وقال الشافعي ومن وافقه إن العلة هي الاتفاق في الجنس والطعام واستدلوا على ذلك بما ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث معمر بن عبد الله قال كنت اسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الطعام بالطعام مثلا بمثل"، وكان طعامنا يومئذ الشعير وأقول: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الطعام فكان ماذا وأي دليل دل على أنه أراد بهذا الذكر الإلحاق وأي فهم يسبق إلي كون ذلك هو العلة المعدية حتى تركب على ذلك القناطر وتبنى عليه القصور ويقال هذا دليل على أن كل ما به طعم كان بيعه ما به طعم متفاضلا ربا مع أن أول ما يدفع هذا الاستدلال ويفت في عضده الذهب والفضة اللذان هما أول منصوص عليه في الأحاديث المصرحة لذكر الأجناس التى يحرم فيها الربا ومما يدفع القولين جميعا أنه قد ثبت في الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر العددي كما في حديث عثمان عند مسلم بلفظ لا تبيعوا الدينار بالدينارين وفي رواية من حديث أبي سعيد: "ولا درهمين بدرهم" ولم يعتبر العدد أحد من أهل هذين القولين ولا من غيرهم وقد وافقت المالكية الشافعي في الطعام وزادت عليه الإدخار والاقتيات فوسعوا الدائرة بما ليس بشيء.

والحاصل أنه لم يرد تقوم به الحجة على إلحاق ما عدا الأجناس المنصوص عليها بها ولكنه روى الدارقطني والبزار عن الحسن بن عبادة وأنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما وزن مثل بمثل إذا كان نوعا واحدا وما كيل فمثل ذلك فإذا اختلف النوعان فلا بأس به"، وقد ذكره ابن حجر في التلخيص ولم يتكلم عليه وفي إسناده الربيع بن صبيح قال أحمد لا بأس به وقال يحيى بن معين في رواية عنه: إنه ضعيف وفي أخرى ليس به بأس ربما دلس وقال ابن

<<  <   >  >>