للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سعد والنسائي ضعيف وقال أبو زرعة شيخ صالح وقال أبو حاتم رجل صالح انتهى ولا يلزم من وصفه بالصلاح أن يكون ثقة في الحديث وقال في التقريب صدوق سيء الحفظ ولا يخفاك أن الحجة لا تقوم بمثل هذا الحديث لا سيما في مثل هذا الأمر العظيم فإنه حكم بالربا الذى هو من أعظم معاصي الله سبحانه على غير الأجناس التى نص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك يستلزم الحكم على فاعله بأنه مرتكب لهذه المعصية التى هى من الكبائر ومن قطعيات الشريعة ومع هذا فإن هذا الإلحاق قد ذهب إليه الجمع والجم والسواد الأعظم ولم يخالف في ذلك إلا الظاهرية فقط.

وأعلم أن من أعظم الربا وأشده ربا الجأهلية الذى وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلت عليه الأحاديث الصحيحة وثبت إجماع الأئمة جميعا على تحريمه وهو أن يحضر أجل الدين فلا يرده من هو عليه فيزيد عليه من هو له شيئا ويمهله إلي أجل آخر فهذا ربا ثابت وإن لم يكن التبايع الكائن في تلك الأجناس المنصوص عليها ثم أعلم أنه لا ينافي ثبوت ربا الفضل في تلك الأجناس ما ثبت في الصحيحين [البخاري "٢١٨٧"، مسلم "١٠١، ١٠٢، ١٠٣/١٥٩٦"] وغيرهما [النسائي: "٤٥٨٠، ٤٥٨١"، ابن ماجة "٢٢٥٧"، أحمد "٥/٢٠٠"] ، من حديث أسامة بن زيد مرفوعا بلفظ: "إنما الربا في النسيئة" زاد مسلم في رواية عن ابن عباس: "لا ربا فيما كان يدا بيد" لأنه وقع الاختلاف في الجمع بين هذا الحديث وبين الأحاديث المصرحة بالربا في الأجناس المنصوص عليها إذا لم يكن مثلا بمثل سواء بسواء فقيل إن حديث أسامة هذا منسوخ ولكن النسخ لا يثبت بالاحتمال ولعل القائل بالنسخ لما بلغه رجوع ابن عباس عن العمل به ظن أنه منسوخ وقيل معنى قوله إنما الربا في النسيئة الربا الأغلظ الشديد التحريم فيكون من الحصر الادعائي وهو خلاف الظاهر والأولى أن يقال إن حديث: "إنما الربا في النسيئة" دل بمفهومه على نفي ربا الفضل في الأجناس المنصوص عليها وفي غيرها وأحاديث ربا الفضل المنصوص عليه في الأجناس المنصوص عليها مخصصة لهذا العموم وأيضا الأحاديث الدالة على تحريم ربا الفضل تدل على ذلك بمنطوقها ودلالة المنطوق أرجح من دلالة المفهوم.

وأما رواية مسلم عن ابن عباس بلفظ: "لا ربا فيما كان يدا بيد" فلم يثبت ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان ثابتا لبقي عليه ابن عباس ولم يرجع عن قوله وقد روى الحازمي رجوع ابن عباس واستغفاره عند أن سمع عمر بن الخطاب وابنه عبد الله يحدثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يدل على تحريم ربا الفضل وقال حفظا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم أحفظ ولو سلمنا ثبوت تلك الزيادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان عمومها المدلول عليه بالنكرة الواقعة في سياق النفي مخصص بأحاديث ربا الفضل في تلك الأجناس المنصوص عليها ولو سلمنا التعارض تنزلا لكانت الأحاديث المصرحة بربا الفضل أرجح لثبوتها في الصحيحين وغيرهما من طريق جماعة من الصحابة قال الترمذي بعد أن ذكر حديث أبي سعيد المصرح بالأجناس المثبت لربا الفضل وفي الباب عن أبي بكر وعمر وعثمان وأبي وهشام بن عامر والبراء بن أرقم

<<  <   >  >>