إلي محلها حتى تنفذ هذا البعث" فلما جاءت إبل الصدقة أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إسناده محمد بن إسحق وهو إمام وإن كان قد تكلم فيه بعض أهل العلم فذلك بغير حق وقد رواه البيهقي من غير طريقه وقوى ابن حجر في الفتح إسناد هذا الحديث ولكنه قد عارض هذا الحديث ما أخرجه أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وابن الجارود من حديث الحسن عن سمرة قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ورجال إسناده ثقات إلا ما هو مشهور من الخلاف في سماع الحسن من سمرة وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند من حديث جابر بن سمرة مثله وأخرج البزار والطحأوي وابن حبان والدارقطني من حديث ابن عباس نحو حديث سمرة قال في الفتح ورجاله ثقاة إلا أنه اختلف في وصله وإرساله فرجح البخاري وغيره إرساله وقد ذهب الجمهور إلي جواز بيع الحيوان بالحيوان نسيئة متفاضلا مطلقا وشرط مالك أن يختلف الجنس ومنع من ذلك مطلقا مع النسيئة أبو حنيفة وأحمد بن حنبل وحمل الشافعي المنع على النسئية من الطرفين لأنه من بيع الكاليء بالكاليء وهو لا يصح عند الجميع وعلى فرض عدم إمكان الجمع فأحاديث النهي أرجح واصح ولم يصب من حمل النهي على المضامين وهي ما في بطون الأنعام كما فعل الجلال فإنه حمل الأحاديث على أندر صورة وقد ورد النهي عن بيع الملاقيح والمضامين على حدته وهو أعم من أن تشتري بنقد أو عرض ولكن محبة الإغراب تأتي بمثل هذا العجاب.
وأما قوله المصنف: "إلا الموزون بالنقد فكلاهما" فقد قدمنا الكلام عليه قريبا.
وأما قوله: "ونحو سفرجل برمان سلما" فليس ها هنا ما يدل على المنع من بيع السفرجل بالرمان على أي صفة كان ولا مدخل للربا في ذلك بوجه لكونهما لم يكونا من الأجناس التي نص عليها الشارع ولا اتفق التقدير فيهما بالكيل أو الوزن ولا اعتبار عند المصنف بالعدد ولا عند غيره.
قوله: "فإن اتفقا فيهما اشترط الملك" الخ.
أقول: هذا كله صحيح وأما اشتراط الملك فلكون التصرف في مال الغير بغير إذنه من أكل أموال الناس بالباطل لا من التجارة عن تراض وأما اشتراط الحلول فللأحاديث المصرحة باشتراط أن يكون يدا بيد ولحديث: "إنما الربا في النسيئة" وأما تيقن التسأوي حال العقد فللأحاديث المصرحة باشتراط أن يكون مثلا بمثل سواء بسواء وأما التقابض في المجلس فلقوله يدا بيد ونحو ذلك وإن كان قد أغنى عن هذا القيد قوله الحلول فإنه عدم التأجيل ولا يتحقق عدم التأجيل إلا بالتقابض وأما قوله وإن طال فما دأما في المجلس فلا فرق بين أن يقفا فيه وقوفا طويلا أو قصيرا.
وأما قوله: "أو انتقل البيعان" فمشروط بأن لا يتفرقا أما لو انتقلا متفرقين فقد انقضى المجلس الأول وهما غير متقابضين فلم يكن ذلك القبض الواقع في المجلس الآخر مما يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا يدا بيد". وقوله: "إلا هاء وهاء".