للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتطوع صاحب الشاة أو الإبل بالمنيحة وهي عطية اللبن دون الرقبة قال الجوهري في الصحاح العرية هي النخلة التى يعريها صاحبها رجلا محتاجا بأن يجعل له ثمرها عأما من عراه إذا قصده انتهى فرخص صلى الله عليه وسلم لمن لا نخل لهم أن يشتروا الرطب على النخل بخرصها تمرا كما وقع في الصحيحين [البخاري "٤/٣٨٧، مسلم "٦٧/١٥٤٠"، وغيرهما أبو داود "٣٦٦٣"، الترمذي"١٣٠٣"، النسائي "٧/٢٦٨"، من حديث سهل بن أبي حثمة وكذا في البخاري وغيره من حديث زيد بن ثابت وفي لفظ في الصحيحين [البخاري "٤/٣٧٧، مسلم "٦١/١٥٣٩"] ، من حديثه: "رخص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا"، وفي لفظ لهما من حديثه: "ولم يرخص في غير ذلك" فهذا جائز والذي أخبرنا بتحريم الربا ومنعنا من المزابنة هو الذي رخص لنا في العرايا والكل حق وشريعة واضحة وسنة قائمة ومن منع من ذلك فقد تعرض لرد الخاص بالعلم ولرد الرخصة بالعزيمة ولرد السنة بمجرد الرأي وهكذا من منع من البيع وجوز الهبة كما روى عن أبي حنيفة ولكن هذه الرخصة مقيدة بأن يكون الشراء بالوسق والوسقين والثلاثة والأربعة كما وقع في حديث جابر عند الشافعي وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم فلا يجوز الشراء بزيادة على ذلك.

قوله: "وتلقي الجلوبة".

أقول: لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما ثبت في الصحيحين [البخاري"٤/٣٧٣"، مسلم "١٥/٥١٨" [، وغيرهما [أحمد "١/٤٣٠"، ابن ماجة "٢١٨٠"، الترمذي "١٢٢٠"] ، من حديث ابن مسعود نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقي البيوع وفي لفظ من حديث أبي هريرة عند مسلم وغيره: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الجلب فإن تلقاه إنسان فابتاعه فصاحب السلعة بالخيار إذا ورد السوق والنهي ثابت في الصحيحين أيضا من حديث ابن عمر وابن عباس وقد اختلف أهل العلم هل هذا البيع صحيح أم باطل واستدل من قال بأنه صحيح بإثبات الخيار المذكور في الحديث فإنه يدل على انعقاد البيع وقالوا أيضا النهي هنا لأمر خارج لا لعين البيع ولا لوصفه ونقول هذا التلقي حرمه الشارع على فاعله بنهيه الثابت بلا خلاف فمن زعم أن ما ترتب على هذا الحرام صحيح فقد خالف مقاصد الشرع بمجرد رأي حرره أهل الأصول لا يستند إلي ما تقوم به الحجة وأما إثبات الخيار فهو دليل على أن هذا البيع موكول إلي اختيار صاحبه إن أمضاه مضى وإن لم يمضه فوجوده كعدمه فهو حجة عليهم لا لهم لأن هذا الإمضاء هو الذي وقع به التجارة عن تراض وما تقدم منه من الرضا فقد أبطله انكشاف الأمر على غير ما وقع من تغرير المتلقي وليس المراد بقوله سبحانه: {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: ٢٩] ، مثل هذا الرضا الناشيء عن التغرير والتلبيس بل الرضا المحقق بلا تغرير وطيبة النفس الصحيحة.

قوله: "واحتكار قوت الآدمي والبهيمة".

<<  <   >  >>