للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخيار له أسباب يضاف إلي كل واحد منها وسنوضح لك إن شاء الله الكلام في كل واحد منها.

قوله: "لتعذر تسليم المبيع".

أقول: قد قدمنا لك أن البيع والشراء هو حصول التراضي من البائع والمشتري فالمشتري رضي بالعين المبيعة والبائع رضي بالثمن المقابل لها وإذا تعذر تسليم العين المبيعة ارتفع التراضي المعتبر فلا بيع ولا شراء بل وجود التراضي المتقدم كعدمه لأنه قد انكشف عدم وجود متعلقه الذي كان التراضي عليه والثمن إنما يلزم بعد وجود عين المبيع ومصيرها إلي المشتري فمثل هذا لا ينبغي أن يجعل من أنواع الخيار بل ينبغي أن يعد في مبطلات البيع هذا إذا تعذر تسليمه مطلقا أما إذا تعذر في مدة ثم أمكن فقد دخل البائع في بيع منهي عنه لأنه باع ما ليس عنده فكان من هذه الحيثية غير صحيح وإذا لم يصح التبايع فعند عود المبيع إذا شاء اتبايعا وإلا فهو باق على ملك البائع الأول ولا حكم لما وقع منهما من التبايع مع تعذر التسليم وبهذا تعرف أنه لا فائدة لقوله وهو لهما في مجهول الأمد وللمشتري الجأهل في معلومة.

قوله: "ولفقد صفة مشروطة".

أقول: هذا نوع من خيار الغرر لأن المشتري لم يقف على حقيقة المبيع كما ينبغي مع مزيد الغرر باشتراطه لتلك الصفة في المبيع وانكشاف عدمها فلا وجه لعدة خيارا مستقلا.

قوله: "وللغرر كالمصراة".

أقول: هذا نوع من أنواع الغرر لأن البائع قد غرر المشتري بالتصرية فلم يقف على حقيقة المبيع وما هو الغرض الحامل على شرائه وهذا النوع قد ثبت النص عليه بالسنة الصحيحة الثابتة في الصحيحين وغيرهما من طرق وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المصراة: "فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين من بعد أن يحلبها إن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمر"، وقد بسطنا القول على هذا الحديث في شرحنا للمنتقي وبسطنا الكلام في الرد على من خالفه والمقام لا يتسع لبعض ذلك.

قوله: "وصبرة علم قدرها البائع فقط".

أقول: وهذا أيضا نوع من أنواع خيار الغرر فإنه إذا لم يقف البائع على قدرها ولا عرف حقيقتها فبالأولى المشتري والخيار ثابت لهما جميعا ولا وجه لجعله لأحدهما دون الآخر وقد قدمنا أن هذا أعنى بيع الصبرة الذى هو نوع من بيع الجزاف قد خصصه دليله من أحاديث النهي عن بيع الغرر وما لم يبطل من بيوع الغرر فالخيار ثابت فيه كما في بيع الصبرة والمصراة ونحوهما.

قوله: "وللخيانة في التولية والمرابحة".

أقول: هذا سبب من أسباب الخيار لأن الخيانة خديعة وقد ثبت في الصحيحين [البخاري

<<  <   >  >>