للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"٤/٣٣٧"، مسلم "٤٨/١٥٣٣"، وغيرهما [أبو داود "٣٥٠٠"، النسائي "٧/٢٥٢"، أحمد "٥٠٣٦، ٥٤٠٥، ٥٢٧١، ٥٥١٥، ٥٥٦١، ٥٨٥٤"] ، من حديث ابن عمر قال ذكر رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال: "من بايعت فقل لا خلابة"، والخلابة الخديعة فإذا انكشف أن البائع أو المشتري خدع أحدهما الآخر بنوع من أنواع الخديعة التي من جملتها الخيانة فالخيار ثابت أما إذا اشترط أحد المتبايعين ذلك فظاهر وأما إذا لم يشترط فالبيع مشتمل على الغرر الذى هو المناط الأعظم في الخيارات وقد ثبت في حديث عند البخاري في التاريخ وابن ماجه والدارقطني أنه صلى الله عليه وسلم قال لذلك الرجل الذي كان يخدع في البيوع: "ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال إن رضيت فأمسك وإن سخطت فارددها على صاحبها"، فهذا من جملة ما خصص بيع الغرر من أحاديث النهي مع ثبوت الخيار.

قوله: "ولجهل قدر الثمن أو المبيع".

أقول: هذا أيضا من جملة أنواع الغرر لعدم الإحاطة بالمجهول من المبيع أو الثمن فإن ورد دليل يدل على صحة هذا التبايع مع ثبوت الخيار فذاك وألا فالظاهر أنه بيع باطل لاشتماله على ما نهى عنه الشرع من الغرر وأيضا التراضي الذى هو المناط في صحة البيع والشراء ليس بمتحقق مع الجهالة فلم يوجد ما هو المعتبر في هذه المعاملة.

قوله: "أو تعيينه".

أقول: الغرر في هذا ظاهر واضح فأن جعل البائع للمشتري الخيار في الاختيار فقد دلت السنة الصحيحة أنه يصح كما في حديث: "أو يقول لصاحبه اختر" في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر"، وربما قال: "أو يكون بيع الخيار" وأما إذا لم يقع الخيار فلا يصح البيع من أصله لأنه من بيع الغرر المنهي عنه ولكونه لم يتحقق التراضي الذى هو مناط البيع والشراء.

قوله: "وهذه على التراخي".

أقول: لا وجه لهذا لا من دليل صحيح ولا من رأي مستقيم أما الدليل فقد دل على أن الخيار في المصراة وفي الخديعة ثلاثة أيام وخيار التعيين مطلق حتى يختار وباقي الخيارات المتقدمة ينبغي أن يكون إلي الوقت الذي يطلع فيه صاحبه على ما لا بد من الاطلاع عليه فإذا وقع منه ذلك ولم يفسخ فلا خيار له.

قوله: "ويورث".

أقول: إذا كان الخيار ثابتا للبائع أو المشتري بدليل شرعي فاخترمته المنية قبل أن يقع منه الخيار وقبل أن تنقضي مدة الخيار المؤقت شرعا والمؤقت بتراضي البائع والمشتري فلا شك أن هذا الحق الثابت يكون حقا لوارثه فيثبت له ما ثبت له كسائر الحقوق وهكذا سائر الخيارات الآتية وما قيل فيه بأنه لا يورث منها فذلك رأي بحت مخالف لما أثبته الكتاب العزيز والسنة من ميراث الأملاك والحقوق ولم يأتوا في الفرق بشيء إلا بما هو هباء أو سراب بقيعة.

<<  <   >  >>