للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مؤقتة وسيأتي في العمري والرقبى أن المقيدة منها عارية تتناول إباحة الأصلية مع الفرعية.

قوله: "وهي كالوديعة إلا في ضمان ما ضمن".

أقول: العارية والوديعة لا يضمن المستعير والوديع إلا لجناية منه أو تفريط فإذا أراد صاحبهما تضمينه ورضي لنفسه بذلك فمجرد هذا الرضا مسوغ للتضمين وأما ما يروى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضمان على مؤتمن"، كما رواه الدارقطني وفي رواية أخرى للدارقطني بلفظ: "ليس على المستعير غير المغل ضمان ولا على المستودع غير المغل ضمان"، ففي إسناد اللفظ الأول من لا يقوم به الحجة وأما اللفظ الثاني فقال الدارقطني إنما يروى عن شريج غير مرفوع وفي إسناده أيضا ضعيفان ومع هذا فنحن نقول بموجبهما أنه لا ضمان عليهما لكن إذا جنيا كان الضمان من الجناية وإذا فرطا كان الضمان عليهما من جهة التفريط وذلك جناية لصاحبهما فيصدق على كل واحد منهما أنه مغل وأما حديث: "على اليد ما أخذت حتى تؤديه"، كما أخرجه أحمد "٥/٨، ١٢، ١٣"، وأبو داود "٣٥٦١"، والترمذي "١٢٦٦"، وابن ماجه "٢٤٠٠"، وصححه الحاكم من حديث الحسن عن سمرة فلا شك في دلالة الحديث على وجوب الرد وأما دلالته على الضمان على تقدير أن المعنى على اليد ضمان ما أخذت فغير مسلم بل الظاهر أن المعنى على اليد تأدية ما أخذت كما يدل عليه آخر الحديث حتى تؤديه ويمكن أن يكون التقدير على اليد حفظ ما أخذت حتى تؤديه وترك الحفظ تفريط يوجب الضمان كما تقدم إذا كان ممكنا والا فلا تفريط وهكذا حديث: "أد الأمانة إلى من أئتمنك" كما أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه الحاكم وصححه من حديث أبي هريرة فإنه يدل إلا على مجرد التأدية وأما كونه يضمن إذا ضمن ورضي بذلك فالمناط هو مجرد حصول الرضا فإذا لم يقبل ذلك لم يصح تضمينه ويدل على هذا ما أخرجه أحمد "٣/٤٠١"، وأبو داود "٣٥٦٢"، والنسائي والحاكم من حديث صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه يوم حنين أدرعا فقال: أغصبا يا محمد؟ قال: "بل عارية مضمونة"، قال فضاع بعضها فعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يضمنها فقال أنا اليوم في الإسلام أرغب وأما قول المصنف وإن جهله فلا وجه له وأما وجوب الرد فهو كائن فيهما كما عرفت.

وأما قوله: "ويكفي مع معتاد" وإلى معتاد فلا فرق بينهما أيضا أنه يكفي في ردهما ذلك.

وأما قوله: "وكذا المؤخرة والقطة لا الغصب والوديعة" فاستطراد لما هو خارج عن الباب وقد تقدم بيان من يجب عليه الرد ومن لا يجب عليه وفي الجميع الرد من أحد هؤلاء بنفسه بل رسوله يكفي ومن زعم خلاف ذلك فعليه الدليل.

والحاصل أن المعتبر ما يصدق عليه اسم التأدية المذكورة في الحديث السابق بقوله حتى يؤديه ولا شك أن رد ذلك مع معتاد للرد معه وعلى معتاد للرد إليه يصدق عليه أنه تأدية لأن يد الرسول يد مرسلة ويد من ينوب في العادة عن المالك بقبض أملاكه يد له.

<<  <   >  >>