للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل

والصدقة كالهبة إلا في نيابة القبض عن القبول وعدم اقتضاء الثواب وامتناع الرجوع فيها وتكره مخالفة التوريث فيهما غالبا والجهاز للمجهزإلا لعرف والهدية فيما ينقل تملك بالقبض وتعوض حسب العرف وتحرم مقابلة لواجب أو محظور مشروط أو مضمر كما مر ولا تصح هبة عين لميت إلا إلى الوصي لكفن أو دين والقول للمتهب في نفي الفساد غالبا وشرط العوض وإرادته في التالف وفي أن الفوائد من بعدها إلا لقرينة وأنه قبل إلا أن يقول الشهود بها ما سمعناه أو الواهب وهبت فلم تقبل واصلا كلامه عند "م" أي المؤيد بالله] .

قوله: "فصل: والصدقة كالهبة إلا في نيابة القبض عن القبول".

أقول: القبض ينوب عن القبول في الهبة كما ينوب في الصدقة وأصل الهبة أنها لا تقتضي الثواب كما قدمنا فإن اقتضته فذلك لشرط مظهر أو مضمر ويخرج عن باب الهبة ويصير من باب البيع.

قوله: "وتكره مخالفة التوريث فيهما".

أقول: الأدلة القاضية بتحريم تخصيص بعض الأولاد بشيء دون البعض الآخر أوضح من شمس النهار فمن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم في هبة بشير لولده النعمان دون سائر أولاده قال: "له إخوة؟ "، قال: نعم قال: "فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ "، قال: لا قال: "فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق"، وهكذا اللفظ في صحيح مسلم "١٩/١٦٢٤"، وغيره وفيه التصريح بأن ذلك لا يصلح في الشريعة المطهرة وهو معنى بطلانه وفيه أيضا التصريح بأنه غير حق وغير الحق باطل وفي لفظ عند أحمد من هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشهدني على جور"، فسماه جورا والجور باطل وهذه الألفاظ هي في حديث جابر الذي حكى فيه قصة هبة النعمان من أبيه بشير وفي الصحيحين [البخاري "٥/٢١١"، مسلم "٩/١٦٢٣"، وغيرهما [أحمد "٤/١٦٨"، أبو داود "٣٥٤٢"، الترمذي "١٣٦٨"، النسائي "٦/٢٥٨، ٢٥٩"، ابن ماجة "٢٣٧٥"] ، من حديث النعمان نفسه قال إن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ " قال: لا, قال: "فأرجعه"، ففي هذا الأمر بإراجاع الهبة وليس على هذا زيادة وقد تكلف المجوزون لتخصيص بعض الأولاد بالهبة دون بعض بأجوبة أجابوها من عشرة وجوه ذكرناها في شرح المنتقي ودفعنا ما يستحق الدفع منها فليرجع إليه والحاصل أنه ليس في المقام ما يدفع ما ذكرناه من الروايات الدالة على تحريم التخصيص وأنه باطل مردود غير حق.

قوله: "والجهاز للمجهز إلا لعرف".

أقول: هذا صحيح لأن خروج الشيء عن ملك مالكه لا يكون إلا بما يقتضي خروجه من وجود التراضي بينه وبين من خرج إليه فإن لم يحصل ذلك فالملك باق وإذا جرت الأعراف بأن ما

<<  <   >  >>