الذي أراد التوسيع ممن يظن عجزه عن التمام وماذا يفيد الواقف الأول مجرد ظنه لإمكان الإعادة.
وأما قوله:"وللمتولي كسب مستعمل بفاضل غلته" فهذا وجهه ظاهر لكن ينبغي أن يكون ذلك وقفا كأصله فإنه يصدق على هذا أنه من فروع الوقف وسيأتي للمصنف أن رقبة الوقف النافذ وفروعه ملك لله محبسة للانتفاع.
وأما قوله:"ولو بمؤنة منارة" الخ فما كان أغنى المصنف عن التعرض لهذه الصورة النادرة فإنه إنما يحسن ذكر ما يترتب على ذكره فائدة لا ما كان معلوما من الكلام مفهوما منه أوضح انفهام.
قوله:"وصرف ما قيل فيه هذا للمسجد" الخ.
أقول: هذا صحيح إذا لم يفهم من قصد الوقف أنه أراد شيئا معينا ولهذا قال المصنف إلا ما قصره الواقف على منفعة معينة.
وأما قوله:"وفعل ما يدعو الناس إليه" فلا شك أن في ذلك مصلحة يعود على الواقف بتكثير ثوابه لكن بشرط أن لا يكون ذلك مما لا يجوز لا كما قال المصنف وتزيين محرابه فإن هذا التزيين هو من المباهاة التي وردت في حديث أنس عن أحمد "٣/١٣٤، ١٤٥، ١٥٢، ٢٣٠، ٢٨٣"، وأبي داود "٤٤٩"، والنسائي ٦٨٩"، وابن ماجه ٧٣٩"، مرفوعا:"لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد"، ولفظ النسائي "٦٨٩"، من هذا حديث:"من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المسجد"، وهو أيضا من الزخرفة التى ورد فيها أنها من صنيع اليهود والنصارى وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما أمرت بتشييد المساجد"، قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى, ومما يدل على كراهة تزيين قبلة المسجد على الخصوص بشيء يلهي المصلي ما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث عثمان بن طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه بعد دخوله الكعبة فقال:"إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في قبلة البيت شيء يلهي المصلي".
وأما قوله:"وتسريحه ... " الخ فقد أفاده ما تقدم من قوله ما يزيد في حياته كالتدريس فإن التسريح يزيد في حياته بجلب الناس إليه للقطع بأن الناس إلى مسجد فيه سراج أرغب منهم إلى مسجد مظلم وقد أذن صلى الله عليه وسلم ببعث زيت لتسريح مسجد بيت المقدس كما في سنن أبي داود "٤٥٧".
قوله:"ومن نجسه فعليه أرش النقص وأجرة الغسل".
أقول: هذا صحيح لأنه معتد للتنجيس وإن كان الأمر أوسع من هذا لحديث الأعرابي الذي دخل المسجد فبال فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صبوا عليه ذنوبا من ماء"، وهو في صحيح ولو يقل قم يا اعرابي فاغسل بولك وأما كونه لا يتولى ذلك إلا بولاية فهذا تشدد في غير موضعه