والأمر أيسر من ذلك وقد زاد المصنف في التشديد فقال فإن فعل لم يسقط فإن هذا المنجس للمسجد قد فعل ما عليه وأصلح ما أفسد فكيف لا يسقط عنه أرش النقص وأجرة الغسل.
[فصل
وولاية الوقف إلى الواقف ثم منصوبة وصيا أو واليا ثم الموقوف عليه معينا ثم الإمام والحاكم ولا يعترضا من مر إلا لخيانة أو بإعانة وتعتبر الدالة على الأصح ومن اعتبرت فيه ففسق عادت ولايته الأصلية بمجرد التوبة كالإمام والمستفادة كالحاكم بها مع تجديد التولية والاختبار م إلا الوصي قبل الحكم بالعدل فكالإمام وتبطل تولية أصلها بموته ما تدارجت وإن بقي الوسائط لا العكس ومن صلح لشيء ولا إمام فعله بلا نصب على الأصح] .
قوله:"فصل: وولاية الوقف إلى الواقف" الخ.
أقول: وجه هذا أنه لما قصد بذلك الوقف أن يكون صدقة جارية له وثمرة يستفيد ثوابها حيا وميتا كانت هذه العلاقة التي هي الثمرة المستفادة من الوقف مقتضية لأن يكون للواقف ومن يلي من جهته مدخلا فيما فيه جلب مصلحة للوقف ودفع مفسدة عنه ولا نيافي ذلك كون الرقبة قد صارت لله محبسه للانتفاع بها كما قررناه فيما سبق لأن هذه العلاقة التي للواقف ومن يلي من جهته هي مقدمة على من له ولاية عامة من إمام أو حاكم وأما ولاية الموقوف عليه فلكونه المستحق لمنافع الوقف فجلب مصالحه ودفع مفاسده هو أخص الناس به فلا يبعد أن يقال إن هذه العلاقة للموقوف عليه مقدمة على العلاقة التي للواقف فإن الثواب الصائر إلى الواقف هو أثر من أثار هذه الفوائد الصائرة إلى الموقوف عليه وإذا لم يوجد واقف ولا موقوف عليه أو وجدا وهما لا يصلحان لذلك فالنظر إلى الإمام والحاكم وإذا لم يعلم الواقف عليه على ما تقتضيه المصلحة ويوجبه العدل فلهما أن يرادهما إلى الصواب ويبطلا ما وقع من تصرفاتهما مخالفا لطريقه الحق.
قوله:"وتعتبر العدالة على الأصح".
أقول: هذه الولاية على الوقف لا بد فيمن هي إليه من أن يكون ساعيا في جلب مصالحه ودفع المفاسد عنه ومن أعظم المفاسد أن يكون خائنا غير أمين ومعلوم أن من لم يتنزه عن محظورات الدين ويتساهل عن القيام بفرائضه لا يؤمن في الأموال فاعتبار العدالة فيمن أنيطت به هذه الولاية أمر لا بد منه وحق على الإمام والحاكم أن ينزعا يد من لم يكن كذلك فإنه وإن سعى في مصالح الوقف أبلغ سعى فإنه مظنة للخيانة لأن الأمور الدينية متساوية الأقدام ومن خان الله في بعضهما لا يؤمن في البعض الآخر.