للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مقابلة ضمانه وبالجملة فهذا من وضع الدليل في غير موضعه وليس عمومه إلا بالنسبة إلى ما ورد فيه لا بالنسبة إلى ما هو ضد لذلك ولا فرق بين الفوائد الأصلية والفرعية بل الكل غصب بيد الغاصب حتى يرده إلى مالك العين التي هو نماء لها ودعوى الفرق بينهما لم يبن إلا على مجرد الخيال فيضمن الغاصب ما تلف منها ولو لم يجن عليها ولا نقلها لنفسه أو لم يتمكن من ردها ودعوى أن الأصلية أمانة دعوى مردودة فيالله العجب من مثل هذه المقالات التي يمجها السمع ويردها العقل والشرع.

[فصل

ولا يرجع بما غرم فيها وإن زادت به وله فصل ما ينفصل بغير ضرر وإلا خير المالك وعليه قلع الزرع وإن لم يحصد وأجره المثل وإن لم ينتفع فإن أجرا ونحوه فموقوف وأرش ما نقص ولو بمجرد زيادة من فعله كأن حفر بئرا ثم طمها إلا السعر قيل والهزال ونحوهما في الباقي] .

قوله: "فصل: ولا يرجع بما غرم فيها وإن زادت به".

أقول: لأن يده عدوان وما فعله في العين مما يوجب زيادتها عدوان على عدوان ولا يتخلص من مظلمته ويبرأ من غصبه إلا بارجاع تلك العين إلى مالكها وإن زادت لما فعله فيها أضعاف أضعاف قيمتها وما للغاصب وللمطالبة بذلك بل هو مطالب مع رد العين المغصوبة برد أجرة مثلها في مدة الغصب لأنه فوت على المالك هذه المنفعة تعديا وعدوانا وجرأة على الشرع وعلى أموال العباد المعصومة وأما كون له فصل ما ينفصل بغير ضرر فإن لم يكن ذلك من نماء العين كأن يضع عليها حلية لا ضرر في فصلها فله أن يأخذ ما وضعه وأما مع الضرر فيأخذها المالك بزيادتها ولا حرج عليه ومن استبعد هذا فليتهم عقله وقصوره عن إذراك المدارك الشرعية.

قوله: "وقطع الزرع وإن لم يحصد".

أقول: حديث: "ليس لعرق ظالم حق" أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وحسنه من حديث سعيد ابن زيد وقد روى من طرق قدمنا الكلام عليها في باب الإحياء وروى عن عروة بن الزبير مرفوعا أخرجه مالك في الموطأ وأبو داود "٣٠٧٤"، والدارقطني وحسن ابن حجر في بلوغ المرام إسناده ومجموع طرقه تقوم بها الحجة وهو يدل على أن ما غرسه الغاصب أو زرعه في الأرض المغصوبة فهو لمالكها وليس للغاصب من ذلك شيء وقد روى ابن رشد الإجماع على هذا فقال في النهاية وأجمع العلماء على أن من غرس نخلا أو ثمرا وبالجملة نباتا في غير أرضه أنه يؤمر بالقطع انتهى وهذا أعنى عدم ثبوت الحق للغاصب بوجه هو المطابق لمعنى

<<  <   >  >>