تملكه وإلا فقيمته يوم الغصب ولم يصر بعد أو مع أحدهما قيميا وإلا اختار وفي القيمي قيمته يوم الغصب وإن تلف مع زيادة غير مضمونة وفي المضمونة يخير بين قيمته يوم الغصب ومكانه ويوم التلف ومكانه ويتعين الأخير لغير الغاصب وإن قل وما لا يتقوم وحده فمع أصله ويجب رد عين ما لا قيمة له لا عوض تالفه إلا مثليا لا يتسامح به أو إن تلف بعد تقومه والقول للغاصب في القيمة والعين وبينة المالك أولى] .
قوله:"فصل: وفي تالف المثلي مثله" الخ.
أقول: إطلاقهم على الشيء الذي تساوت أجزاؤه أنه مثلي وعلى ما اختلفت أجزاؤه أنه قيمي هو مجرد اصطلاح لهم ثم وقوع القطع والبيت منهم بأن المثلي يضمن بمثله والقيمي بقيمته هو أيضا مجرد رأي عملوا عليه وإلا فقد ثبت عن الشارع أنه يضمن المثلي بقيمته كما في قوله في حديث المصراة: "ردها وصاعا من تمر" وهو في الصحيح كما تقدم وثبت عنه صلى الله عليه وسلم تضمين القيمي بمثله كما ثبت في الصحيح البخاري "٢٢٢٥"، وغيره من حديث أنس قال: أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه طعاما في قصعة فضربت عائشة القصعة بيدها فألقت ما فيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "طعام بطعام وإناء بإناء"، وهذا اللفظ للترمذي "١٣٥٩"، وللبخاري "٢٤٨١"، في هذا الحديث ألفاظ منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام فضربت بيدها فكسرت القصعة فضمها وجعل فيها الطعام وقال:"كلوا" ودفع القصعة الصحيحة للرسول وحبس المكسورة وأخرج نحو هذا الحديث أحمد "٦/١٤٨"، وأبو داود "٣٥٦٨"، والنسائي "٣٩٥٧"، من حديث عائشة أنها قالت ما رأيت صانعة طعام مثل صفية أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إناء من طعام فما ملكت نفسي أن كسرته فقلت يا رسول الله ما كفارته فقال:"إناء كإناء وطعام كطعام"، وفي إسناده أفلت بن خليفة قال أحمد ما أرى به بأسا وحسن ابن جحر في الفتح إسناده.
إذا عرفت هذا فأعلم أن الواجب رد العين المغصوبة مثلية كانت أو قيمية فإن تلفت كان المالك مخيرا بين أخذ مثلها أو قيمتها على وجه يرضى به من غير فرق بين مثلي وقيمي ولكن إرجاع المثلى من أعلى أنواع الجنس وقيمة القيمي على هذا الاصطلاح أقرب إلى دفع التشاجر وأقطع لمادة النزاع.
وأما قوله:"فقيمته يوم الغصب" فوجهه أنه الوقت الذي تعلق فيه الضمان بالغاصب وقيل يوم التلف لأنه وقت وجوب الضمان والأولى أن يكون مضمونا بأوفر القيم من وقت الغصب إلى وقت التلف لأن هذه مظلمة فإذا زادت قيمة ذلك الشيء في بعض الأوقات فمن الجائز أنه لو كان باقيا بيد المالك لباعه بهذه الزيادة وقد قدمنا الكلام في هذا والعجب من المصنف ومن قال بمثل قوله حيث قالوا إن الرهن المقبوض بإذن مالكه مضمون على المرتهن بأوفر قيمة من القبض إلى التلف والغصب الذي هو ظلم بحت واستيلاء على جهة العدوان بغير إذن الشرع مضمون بقيمته وقت الغصب وقد أطال المصنف الكلام في هذا الفصل على القيمي والمثلي وقد عرفناك ها هنا