بما يتضح لك به الصواب في جميع هذه الأطراف التي ذكرها المصنف وقد قدمنا أن الزيادة مضمونة على كل حال فلا يتم ما ذكره من التخيير وأما الجزم بأنه يتعين الأخير لغير الغاصب الأول للغاصب فليس لهذه الدعوى وجه ولا عليها أثارة من علم.
قوله:"والقول للغاصب في قدر القيمة".
أقول: القول قول نافي الزيادة والبينة على مدعيها.
وأما قوله:"والعين" فالصواب أن البينة على من سبق إلى التعيين والقول قول المنكر مع يمينه وأما كون بينة المالك أولى فوجهه أن يد الغاصب عدوانية فكانت بينته ضعيفة لضعف يده ولكن هذه العلة تقتضي أن لا يكون القول قوله في القيمة والعين كما ذكره المصنف لأن اليد العدوانية موجودة في الجميع وإذا اضعفت البينة أضعفت كون القول قوله.
[فصل
ويسقط عوض التالف حيث لا قيمة لحصصه لو قسم وتصير للمصالح تركة صارت لنقصانها كذلك وكذلك هو أو العين باليأس عن معرفة المالك أو انحصاره وحينئذ تعدد القيمة بتعدد المتصرف وإن بقيت العين وولاية الصرف إلى الغاصب ولا يصرف فيمن تلزمه نفقته إلا العين وفي نفسه خلاف ولا نجزيء القيمة عن العين ولا العرض عن النقد وتفتقر القيمة إلى النية لا العين وإذا غاب مالكها بقيت حتى اليأس ثم للوارث ثم للفقراء أو المصالح فإن عاد غرم التالف الدافع العوض إلى الفقراء لا إلى الإمام أو الحاكم فبيت المال وإن التبس منحصرا قسمت كما مر ولا يسقط بالإسلام بعد الردة ما يجامع الكفر ولا يضمن ما منع عنه مالكه بالزجر ما لم تثبت اليد ويضمن آمر الضعيف قويا فقط والقرار على المأمور] .
قوله:"فصل: ويسقط عوض التالف" الخ.
أقول: هذا كلام في غاية السقوط فإن الضمان قد وجب بالغصب وجوبا ثبت بيقين فكون مجرد قسمته بين الشركاء يصير بها نصيب كل واحد لا قيمة له يقتضي سقوط هذا الضمان المعلوم لا سقوط المالكين المتيقن بل يجب على الغاصب تسليم ذلك الشيء إليهم ويصنعون به ما أرادوا وإن بلغ في الحقارة إلى الغاية وتسامح الناس في المحقرات هي التي لا تكون مأخوذة على وجه الغصب أما المأخوذة على جهة الغصب فالتسامح بها أقل قليل وهكذا قوله وتصير للمصالح تركة صارت لنقصانها كذلك فإن هذا الحكم مجازفة عظيمة وجرأة على إخراج أموال العباد عن أملاكهم بغير برهان بل بمجرد وسوسة ناشئة عن خيالات مختلة.