وأما قوله:"وكذلك هو أو العين باليأس عن معرفة المالك أو انحصاره" فوجهه أنه إذا عرض هذا اليأس وتقرر تقررا صحيحا صار ذلك المال لا مالك له وإذا صار كذلك كان للمسلمين فيصرف في مصالحهم الذي يرجع الصرف إليها الإمام أو الحاكم.
وأما قوله:"وحينئذ تعدد القيمة بتعدد المصرف وإن بقيت العين" فلا وجه له ولا سبب يقتضيه وقد عرفناك فيما سبق ما يكشف لك عن الصواب مع تعدد الغاصبين.
قوله:"وولاية الصرف على الغاصب".
أقول: هذا من غرائب المسائل وعجائب أهل الرأي فإن الغاصب ثبت على المغصوب بغير إذن الشرع بل عنادا له وتمردا ابتداء وانتهاء فمن أين يكون له ولاية الصرف بل واجب عليه عند التوبة وعدم وجود المالك أو عدم انحصاره أن يحمل تلك المظلمة إلى الإمام بعد أن يصرح له بالتوبة ويبين له أنه قد تعذر عليه التدارك وانسدت عليه أبواب التخلص وعلى الإمام أن يصرف ذلك فيما يراه من مصالح المسلمين وأما فرق المصنف بين العين وغيرها في الصرف فيمن يلزمه نفقته فهو أعجب وأغرب وليت شعري كيف صارت هذه الخرافات معدودة من أحكام الشرع وهكذا قوله وفي نفسه خلاف فالقائل بالجواز قد جاء بما يشبه المقامرة فجعل الولاية لليد الظالمة في الصرف ثم أقر المغصوب على اليد العدوانية زاعما أن هذا شرع الله فيالله وللمسلمين وأما عدم إجزاء القيمة عن العين فوجهه أن المظلمة متعينة فليس لمن إليه الصرف كما ذكرنا لا كما ذكره المصنف أن يصرف عنها القيمة إلا أن يرى في ذلك صلاحا وهكذا الكلام في صرف العرض على النقد ولا وجه الفرق بين القيمة والعين في النية ولكن ذلك من جملة هذه المسائل التي يضحك منها تارة ويبكي منها أخرى وأما إيجاب تسليم العين إلى الوارث مع اليأس عن رجوع المالك فذلك صواب لأن ذلك غاية ما يجب من الرجوع إلى ما يوجبه الشرع ويقتضيه العدل ومع عدم الوارث ولاية الصرف إلى الإمام يصرفها فيما يرجحه من مصالح المسلمين كما قدمنا.
وأما قوله:"فإن عاد غرم التالف الدافع العوض إلى الفقراء" فوجهه أنه انكشف أن ذلك الصرف لخيال كاذب وأما إذا كان الصارف هو الإمام والحاكم فإن كان ذلك لتغرير عليهما من الغاصب بحصول اليأس الذي انكشف خلافة فالضمان على الغاصب وإلا كان الضمان عليهما من بيت المال مع عدم التغرير لأنهما أوقعا الصرف لخيال كاذب ولا يبعد أن يكون الضمان عليهما من أموالهما لم يتثبتا في الأمر كما ينبغي.
وأما قوله:"وإن التبس منحصرا قسمت كما مر" فمبني على أن كل واحد من هؤلاء المنحصرين يدعى ملكها أو بعضها ما لو لم يكن الأمر كذلك فلا وجه لقسمتها بين من لا يطالب بها وتصير لمصالح المسلمين كما قدمنا.
قوله:"ولا تسقط بالإسلام بعد الردة ما يجامع وجوبه الكفر".
أقول: إن قام الدليل المقتضي لتخصيص ما ثبت من أن الإسلام يجب ما قبله كان المصير