للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما اشتراط أن يكون غير أخرس فوجهه أن لا يمكن منه الحلف فلا يثبت عليه حكمه.

قوله: "بالله أو بصفة لذاته أو لفعله".

أقول: أما الحلف بالله فهو الثابت في الشرع ثبوتا لا شك فيه ولا شبهة حتى ثبت في الصحيحين [البخاري "٦٦٤٦"، مسلم "١٦٤٦"] ، وغيرهما [أبو داود "٣٢٤٩"، الترمذي "١٥٣٤"، النسائي "٧/٥"، أحمد "٢/١١، ١٧، ١٤٢"، ابن ماجة "٢٠٩٤"] ، من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت"، وهكذا ثبت في رواية هذا الحديث عند مسلم "٤/١٦٤٦"، وغيره النسائي "٣٧٦٤"، بلفظ: "من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله"، وفي هذا المعنى أحاديث.

وأما الحلف بالصفات فقد ثبت أنه كان أكثر حلفه صلى الله عليه وسلم أن يقول: "لا ومقلب القلوب"، [البخاري "٦٦٤٦"، مسلم "١٦٤٦"، الترمذي "١٥٤٠"، النسائي "٧/٢"، وثبت عنه أنه كان كثيرا ما يحلف فيقول والذي نفسي بيده وهكذا ثبت في الصحيحين وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم فقال: "وأيم الذي نفس محمد بيده"، وثبت أيضا فيهما وغيرهما أنه قال في زيد بن حارثة: "وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة"، وثبت أيضا فيهما [البخاري "١١/٥٢١"، مسلم "٢٤٢٦"] ، وغيرهما [الترمذي "١٤٣٠" أبو داود "٤٣٧٣"، النسائي "٨/٧٣، ٧٤"، أحمد ٦/١٦٢"، ابن ماجة "٢٥٤٧"] ، أنه قال: "وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها وثبت في الكتاب العزيز الأمر منه سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يحلف بالرب عزوجل فقال: {قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ} [يوونس: ٥٣] ، {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: ٤] ، {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} [سيأ: ٣] .

والحاصل أن ما ورد في الإذن بالأقسام به في الكتاب والسنة فهو القسم الذي تلزم فيه الكفارة وتثبت له أحكام اليمين وقد ألحقوا بذلك سائر صفات الذات والفعل التي لا يكون الله سبحانه على ضدها.

وأما قوله: "كالعهد والأمانة والذمة" فهذه لا بد من ورود الإذن بها ولا سيما ورد النهي من بعضها كما في حديث بريدة عند أبي داود "٣٢٥٣ بإسناد رجاله ثقات قال قال الله صلى الله عليه وأله وسلم: "ليس منا من حلف بالأمانة وأخرج الطبراني في الأوسط بإسناد رجاله ثقات من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يحلف بالأمانة فقال: "ألست الذي تحلف بالأمانة؟ "، قال في النهاية يشبه أن تكون الكراهة فيه لأجل أنه أمر أن يحلف بأسماء الله وصفاته والأمانه أمر من أموره فنهوا عنها من أجل التسوية بينها وبين أسماء الله كما نهوا أن يحلفوا بآبائهم انتهى ولا يخفاك أن العهد والذمة مشاركان للأمانه في هذه العلة.

قوله: "أو بالتحريم".

أقول: لم يأذن الله لعباده بهذا الحلف وعاتب عليه رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ

<<  <   >  >>