قال: "نعم"، وفي لفظ لأبي داود "٣٣١٩"،أنه قال له: "يجزيء عنك الثلث" وهكذا ما روي من حديث أبي لبابة عند أحمد "٣/٤٥٢، ٤٥٣"، وأبي داود "٣٣٢٠".
وأما ما ذكره من اشتراط كونه مملوكا أو سببه فصحيح لا يحتاج إلى ذكر وجهه وهكذا إذا نذر بما يرثه من مورثه فإنه صحيح لأنه قيد النذر بوصول ذلك إلى ملكه ولم ينذر بما لم يملك حتى يكون النذر بما لا يملك العبد الذي ورد النهي عنه.
وهكذا اشتراط بقاء العين المنذور بها إلى حضور الوقت أو حصول الشرط الذي قيد النذر به فإنه لا بد من ذلك ومع التلف لا يلزمه شيء.
وأما ما ذكره من أنها لا تدخل فروعها المتصلة الحادثة قبل الحنث فالظاهر في مثل هذا أنه يرجع إلى قصد الناذر فإن قصد النذر بالعين مجردة عن فروعها الحادثة لم تدخل الفروع وإن قصد أنها من جملة النذر دخلت وإن كان لا قصد له فالظاهر أن فروع العين المنذور بها لاحقة بها,
قوله: "وتضمن العين بعده ضمان أمانة قبضت لا بإختيار المالك".
أقول: لا ضمان عليه في هذا إلا لجنابة أو تفريط ولا يضمن بغير ذلك ولا وجه لذلك لا من رواية ولا من رأي صحيح فإن المنذور به هو قبل النذر ملك الناذر فمع الجناية أو التفريط قد تسبب للضمان ووجب عليه العوض ومع التلف بغير هذين السببين لا سبب لتضمينه أصلا.
وأما ما ذكره من كونها لا تجزيء القيمة فذلك ظاهر لأن النذر تعلق بالعين فلا وفاء إلا بإخراجها فالعدول إلى قيمتها لا يجزيء عنها إلا بدليل.
وما ذكره من كون الناذر إذا عين مصرفا تعين فوجهه ظاهر لأن له أن يصرف ما يقرب به إلى من شاء وكيف شاء مع وجود مطلق القربة وإن كان غيرها أعلى منها.
وأما كونه لا يعتبر القبول بل يكفي عدم الرد فعدم الرد قبول تام وقد عرفناك غير مرة أن اعتبار الألفاظ إما مجرد جمود أو قصور عن إدراك حقائق الأمور.
قوله: "والفقراء لغير ولده ومنفقه".
أقول: المعتمد في مثل هذا العرف الشائع بين القوم الذين منهم الناذر فإن ثبت هذا العرف فهو المقدم على لغة العرب وغيرها لأن الناذر لا يقصد بكلامه إلا عرف أهل جهته فإن عرف من قصده أنه أراد المعنى اللغوي والشرعي وجب العمل بذلك وإن لم يقصد ولا وجد كان الظاهر دخول ولده ومنفقه في عموم الفقراء لأنهما من جملتهم ولا مانع من ذلك لا من شرع ولا عقل وأما دخول الناذر نفسه فعلى الخلاف في دخول المخاطب في خطاب نفسه.
وهكذا الكلام في النذر على المسجد من غير تعيين فإن المعتبر ما يطلق عليه هذا الإسم في عرف الناذر وأهل بلده فإن لم يكن عرف رجع إلى مقصده فإن لم يكن له قصد فالظاهر أن مراده المسجد الذي يصلي فيه وإن كانت مساجد البلد كثيرة فصلاته في أحدها فيها وجه