التنبيه عليها ولا مستند للقول بتحريم ذبائحهم إلا مجرد الشكوك والأوهام التي يبتلى بها من لم يرسخ قدمه في علم الشرع فإن قلت قد يذبحون لغير الله أو بغير تسمية أو على غير الصفة المشروعة في الذبح قلت إن صح شيء من هذا فالكلام في ذبيحتهم كالكلام في ذبيحة المسلم إذا وقعت على أحد هذه الوجوه وليس النزاع إلا في مجرد كون كفر الذمى مانعا لا في كونه أخل بشرط معتبر.
قوله:"وفري كل من الأوداج" الخ.
أقول: لم يثبت في المرفوع ما يدل على اشتراط فرى الأوداج إلا ما أخرجه أبو داود "٢٨٢٦"، من حديث ابن عباس وأبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شريطة الشيطان وهي التي تذبح فيقطع الجلد ولا تفرى الأوداج وفي إسناده عمرو ابن عبد الله الصنعاني وقد تكلم فيه غير واحد والتفسير فيه مدرج كما صرح بذلك أبو داود في السنن ولكن هذا التفسير قد ثبت في كتب اللغة ما يوافقه فهو صحيح إنما الشأن في صحة الحديث وقيام الحجة به.
وقد ثبت في الصحيحين البخاري "٥٥٤٣"، مسلم "٢٠/١٩٦٨"، وغيرهما أبو داود "٢٨٢١"، الترمذي "١٤٩١"، النسائي "٧/٢٢٦"، ابن ماجة "٣١٧٨"، أحمد "٣/٤٦٣، ٤٦٤"، من حديث رافع بن خديج أنه صلى الله عليه وسلم قال:"ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ما لم يكن سنا أو ظفرا"، فهذا يدل على أن التذكية بشيء يحصل به إنهار الدم حلال وإن لم يحصل فرى الأوداج.
وأخرج أحمد "٤/٤٣٤"، وأهل السنن أبو داود "٢٨٢٥"، الترمذي "١٤٨١"، النسائي "٤٤٠٨"، ابن ماجة "٣١٨٤"، من حديث أبي العشراء عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله أما تكون الذكاة إلا في اللبة والحلق قال: "لو طعنت في فخذها لأجزأك"، قال الترمذي بعد إخراجه حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة ولا نعرف لأبي العشراء عن أبيه غير هذا الحديث قال الخطابي: وضعفوا هذا الحديث لأن رواته مجهولون وأبو العشراء لا يدرى من أبوه ولم يروه عنه غير حماد بن سلمة وقال ابن حجر في التلخيص وقد تفرد حماد بن سلمة بالرواية عنه يعني أبا العشراء على الصحيح وهو لا يعرف حاله انتهى قلت حماد بن سلمة إمام لا يضر تفرده ما لم يكن في المروي عنه ما يمنع من قبوله.
وقد أخرج الدارقطني من حديث أبي هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى:"ألا إن الذكاة في الحلق واللبة"، وفي إسناده سعيد بن سلام العطار قال أحمد: كذاب.
والحاصل أنه قد دل الحديث الصحيح على أن المعتبر إنهار الدم فإذا طعن في الحلق واللبة حتى أنهر الدم ولم يفر الأوداج كلها كان الذبح صحيحا والذبيحة حلالا ويؤيد هذا حديث عدي بن حاتم عند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجة قلت يا رسول الله إنا نصيد الصيد فلا نجد سكينا إلا الظرار وشقة العصا فقال صلى الله عليه وسلم:"أمر الدم بما شئت واذكر اسم الله"، وأخرجه أيضا الحاكم وابن حبان ومداره