على سماك بن حرب عن مري بن قطري عنه وقد أخرج معناه أحمد والطبراني والبزار عن ابن عمر بإسناد صحيح ومعلوم أن شقة العصا لا تفري كل الأوداج.
وهكذا ما روي من قصة الرجل الذي رأى لقحة في الموت فلم يجد ما ينحرها به فأخذ وتدا فوجأها به في لبتها حتى أهرق فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بأكلها وهو في سنن أبي داود والنسائي.
وبهذا نعرف أنه لا وجه تقوم به الحجة على اشتراط فرى الأوداج وأنها تصح التذكية بحديدة أو حجر أو بشقة عصا أو ما أنهر الدم كائنا ما كان ما لم يكن سنا أو ظفرا.
قوله:"والتسمية إن ذكرت" الخ.
أقول: وجهه ما قدمناه في الأحاديث الصحيحة من ترتيب جواز الأكل على إنهار الدم وذكر اسم الله فإن ذلك يقيد أن التسمية شرط لا تحل الذبيحة بدونها لكنه قد ورد ما يدل على أنه إذا التبس على الآكل هل ذكر اسم الله على الذبيحة أم لا فإنه يسمى عليها ويأكلها كما في البخاري وغيره من حديث عائشة أن قوما قالوا: يا رسول الله إن قوما يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا؟ فقال:"سموا عليه أنتم وكلوا" قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر فهذا يدل دلالة بينة على أنه إذا التبس على الآكل هل وقعت التسمية من الذابح أم لا أنه يكتفي بالتسمية منه عند الأكل.
فالحاصل أن التسمية فرض على الذابح وإعادتها فرض عند الأكل على المتردد وليس في هذا الحديث ما يدل على أن التسمية سنة فقط كما قاله جماعة.
وأما قوله:"إن ذكرت" فليس في الأدلة ما يدل على أن النسيان يسقط هذه الفريضة إلا الأحاديث العامة الواردة برفع الخطأ والنسيان وقد قدمنا لك أن النبي صلى الله عليه وسلم حكى عن الله عزوجل أنه قال عند الدعاء بقوله: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة: ٢٨٦] ، قد فعلت وذلك ثابت في الصحيح.
وأما قوله:"وإن قلت أو تقدمت بيسير" فأقل تسمية أن يقول بسم الله وتقدمها لا يضر إذا كانت قبل ذلك بوقت لا ينافي أن تكون مفعوله للذبح.
وأما قوله:"وتحرك شيء من شديد المرض بعده" فوجهه أنها لا تعلم الحياة إلا بذلك وإلا كانت التسمية واقعة على ميتة.
قوله:"وندب الاستقبال".
أقول: ليس على هذا دليل لا من كتاب ولا من سنة ولا من قياس وما قيل من أن القول بندب الاستقبال في الذبح قياس على الأضحية فليس بصحيح لأنه لا دليل على الأصل حتى يصلح للقياس عليه بل النزاع فيه كائن كما هو كائن في الفرع والندب حكم من أحكام الشرع فلا يجوز إثباته إلا بدليل تقوم به الحجة.