يعرف كون الدعوى حقا أو باطلا إلا بالبينة أو الإقرار أو اليمين فعليه أن يوقف من عليه الدعوى لسماع بينة خصمه حتى يحكم له أو عليه ولكن إذا كانت المدة التي سيحضر فيها البينة لا يتضرر بمثلها المدعى عليه أما لو كانت كذلك لم يجز له التوقيف وإذا حصلت البينة بعد تلك المدة أعذر إلى المدعى عليه فإن وصل لسماعها فذاك وإلا سمعها الحاكم وعمل بها على ما قدمنا.
وأما قوله:"إلا لمصلحة" فلا يخفى أن المصلحة كل المصلحة هي الجزم بحكم الله وإيصال المظلوم بظلامته والأخذ على يد الظالم حتى يخرج مما عليه فإذا كان بيد المدعي ما يكون سببا للحكم له وإنصافه بما يقوله كان التوقيت مصلحة على كل حال إلا أن يتضرر به كما قدمنا قريبا.
وأما قوله:"فيكفل عشرا في المال وشهرا في النكاح" فتحديد ساقط وتقدير باطل لا يرجع إلى رواية ولا دراية وما هذا بأول هذيان والله المستعان وكان الأولى ربط ذلك بنظر الحاكم لأن الأحوال تختلف باختلاف الأشخاص والأزمان والأمكنة والخصومات ومقادير ما تجري فيه.
قوله:"ولا يصادق مدعي الوصاية والإرسال للعين".
أقول: لا وجه لتخصيص العين بل لا يصادق مطلقا إلا لبرهان تقوم به الحجة لأن أملاك بني آدم لا يجوز فيها تحكيم ظنونهم على بعضهم بعضا فإن صادقه بلا برهان فقد جنى على نفسه وعرضها للضمان إذا انكشف عدم مطابقة ذلك التصديق للواقع ويرجع على من هي في يده أو من تلفت عنده سواء كان مدعي الوصاية أو الإرسال أو غيرهما ولا فرق بين دعوى الوصاية والرسالة وبين دعوى كونه الوارث وحده فالكل نمط واحد وجهة متحدة والتفريق بينهما خيال مختل وتعليل معتل كالتفريق بين العين والدين وسبحان الله ما يفعل الجمود على الرأي المبني على السراب من بناء مسائل الدين على شفى جرف هار نعم إذا حصل التصديق ممن ذلك في يده فقد شهد على نفسه بصدق الدعوى في وصاية ورسالة وميراث وجعل على نفسه حقا وإليها طريقا وأخذ بتصديقه في البداية ويعمل على ما قدمنا في النهاية.
قوله:"ولا يثبت حق بيد".
أقول: أقل أحوال ثبوت اليد على الحق أن يكون مفيدا لكون الظاهر مع ثابت اليد ثم يستصحب الحال ولا ينتقل عنها إلا بناقل أرجح منه كما أن ثبوت اليد علي العين توجب استصحاب الحال ولا ينتقل عنه إلا بناقل أرجح منه ولا يعارض هذا أن الأصل في منافع الأعيان أن تكون تابعة للعين فإن هذا الأصل قد عورض بما هو أرجح منه وهو ما أفاده ثبوت اليد من كون الظاهر من ثبوت اليد على الحق هو استحقاق الثابت له ويؤيد هذا ما يوجد في الخارج كثيرا من الأعيان التي تتعلق بها حقوق لغير مالكها.
والحاصل أن مجرد نفس الأصالة أو الظهور إنما يستفاد بهما كون القول قول المتمسك بهما