والبينة على خصمه لما تقدم من أن المدعي هو من معه أخفى الأمرين فإذا عجز عن إيراد الناقل فمن نفسه أتي.
[فصل
ومتى كان المدعى في يد أحدهما أو مقر له ولما يحكم له بالملك المطلق فللمدعي إن بين أو حلف ردا أو نكل خصمه وإلا فلذي اليد فإن بينا فللخارج إلا لمانع فإن كان كل خارجا اعتبر الترجيح من تحقيق ونقل وغيرهما فإن لا قسم.
ومتى كان في أيديهما أو مقر لهما أو لواحد منهما غير معين فلمن بين أو حلف أو نكل صاحبه دونه فإن فعلا قسم ما فيه التنازع بين متنازعيه على الرؤوس] .
قوله:"فصل: ومتى كان المدعى في يد أحدهما".
أقول: وجهه أن الحكم المطلق مستنده الاستصحاب الناشيء عن ثبوت اليد لمن هو في يده أو في يد من مقر له وقد ارتفع هذا الاستصحاب بالبينة التي أقامها المدعي أو يمين الرد منه أو نكول من هو في يده عن اليمين ومعلوم أن اليمين رافعة للاستصحاب لكونها أرجع منه بلا خلاف وهكذا يمين المدعي ردا لأن من هو في يده قد رضي لنفسه بتلك اليمين وهكذا نكول من هو في يده عن اليمين لأنه بمنزلة الإقرار كما سيأتي وإذا لم يحصل أحد هذه الأمور فهو باق على ملك المحكوم له بالملك المطلق بالاستصحاب الذي يستفاد منه الظاهر ويوجب كون القول قوله.
قوله:"فإن بينا فللخارج".
أقول: عللوا هذا بإن البينة الخارجة تستند إلى شيء أقوى مما تفيده بيته الداخل فإنها تستند إلى مجرد ثبوت اليد وهو لا يفيد إلا الاستصحاب ولا يخفاك أن هذا لا يتم إلا على تقدير إن الشهادة الخارجة مستندة إلي شيء هو أقوى مما يفيده بينة الداخل وحينئذ فليس المرجح لها مجرد كونها خارجة بل المرجح لها قوي مستندها فإنها لو شهدت بمستند مثل مستند بينه الداخل أو كانت بينة الداخل بمستند مساوي لبينة الخارج غير مجرد الثبوت لم يكن لهذا الترجيح وجه.
وبهذا تعرف أنه لا وجه لجزم المصنف بترجيح بينة الخارج على الإطلاق وقد قلل مفسدة هذا الإطلاق قوله لا لمانع إذا حمل على مثل ما ذكرناه على ما هو مراده.
وأقوى من هذه التعليل الذي عللوا به ما قيل إن الخارج هو المدعي والبينة على المدعي لا على المنكر كما ثبت ذلك بالأدلة الصحيحة.