للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورجموا بعده, وكذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة العسيف الثابتة في الصحيحين: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله"، ثم ذكر في القصة قوله لأنيس: "واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها"، فم ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح [مسلم "١٢/١٦٩٠"] ، أنه قال: "قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم"، ولا يخفاك أن نسخ التلاوة لا يستلزم نسخ الحكم بلا خلاف وهب أنه لم يثبت الرجم في الكتاب فكان ماذا فقد ثبت بالسنة المتواترة التي لا يشك فيها من له أدنى اطلاع وفعله رسول الله صلى الله غير مرة وفعله الخلفاء الراشدون فيا لله العجب من الإنتصار للمبتدعين على كتاب الله سبحانه وعلى سنة رسوله وعلى جميع الأمة المحمدية ودفع الأدلة الثابتة بالضرورة الشرعية لقول قاله مخذول من مخذولي كلاب النار الذين يمرقون من الدين ولا يجاوز إيمانهم ولا عبادتهم تراقيهم والأمر لله العلي الكبير.

قوله: "بعد جلده".

أقول: عدم ذكر الجلد مع الرجم في قصة ماعز لا يدل على العدم كما هو معلوم لكل عاقل وعلى تقدير أنه صلى الله عليه وسلم ترك الجلد في هذه القضية الفعلية فالمحامل لذلك كثيرة جدا ولا سيما مع ثبوت مشروعية الجمع بينهما للمحصن بالقول الذي هو أقوى دلالة وأعلى حجة كما أخرجه مسلم "١٢/١٩٦٠"، وأهل السنن [أبو داود "٤٤١٥"، ابن ماجة "٢٢٥٠"، الترمذي "١٤٣٤"] ، من حديث عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني, خذوا عني, قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم"، فهذا مقام قامه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس مبينا لهم ما نزل إليهم موضحا لهم ما شرعه الله لهم وقد وقع الجمع بين الجلد والرجم من الخلفاء الراشدين ولم ينكر ذلك أحد كما أخرجه أحمد "٢/٣٠" والنسائي "٤/٢٦٩، ٢٧٠"، والحاكم عن الشعبي قال كان لشراحة زوج غائب بالشام وأنه حملت فجاء بها مولاها إلى علي بن أبي طالب وقال إن هذه زنت واعترفت فجلدها يوم الخميس مائة ورجمها يوم الجمعة وحفر لها إلى السرة إلى آخر الحديث وهو في صحيح البخاري بدون ذكر الحفر ومع هذا فالقرآن الكريم يدل على وجوب الجلد لكل زان وزانية قال الله عزوجل: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور: ٢] ، ولم يذكر أن هذا الحكم مختص بالبكر بل ثبت في الكتاب والسنة أن على المحصن زيادة على الجلد وهي الرجم فالحق قول من يقول بالجمع بين الجلد والرجم.

قوله: "وتقدم الشهود" الخ.

أقول: استدلوا على ذلك بحديث الشعبي عن علي في رجم شراحة فإن فيه بعد قوله وحفر لها ثم قال يعني عليا إن الرجم سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان شهد على هذه أحد لكان أول من يرمي الشاهد يشهد ثم يتبع شهادته حجره ولكنها أقرت فأنا أول من رماها فرماها بحجر ثم رمى الناس وهذا يبعد أن يقوله على من جهة الرأي ولكن يغني عن رجم الإمام رجم من يبعثه من المسلمين كما في قصة ماعز وكما في قوله: "واغديا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها"، ولهذا قال المصنف أو مأموره.

<<  <   >  >>