للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العهد بالنفاس: "أتركها حتى تتماثل"، وفي رواية من حديث الغامدية أنها أرضعته ثم أتت به النبي صلى الله عليه وسلم حين فطمته وفي يده كسرة خبز فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين [مسلم "٢٣/١٦٩٥"، فيجمع بين هذه الرواية والرواية الأولى بأنه قال رجل لما أتت به بعد الوضع أن إليه رضاعه ولم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم فرجعت به حتى فطمته فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين وأقيم عليها الحد وكلا الروايتين في صحيح مسلم وغيره وإذا لم يوجد من يكفل الصبي بعد الفطام كان إمهالها حتى يستغني بنفسه مما تقتضيه الضرورة.

قوله: "وندب تلقين ما يسقط الحد".

أقول: هذا التلقين المشروع هو أن يقول الحاكم أو الإمام كما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قال للسارق: "ما إخالك سرقت؟ " [أبو داود "٤٣٨٠"، أحمد "٥/٢٩٣"، النسائي "٤٨٧٧"، ابن ماجة "٢٥٩٧"] ، وقال للزاني: "لعلك غمزت لعلك قبلت"، كما في صحيح البخاري وغيره في قصة ماعز وما يفيد هذا المعنى فلا وجه للتشكيك فيما ذكره المصنف والرجوع إلى محصن الرأي أن الزاني إن كان مما يرجى انزجاره لقن وإلا فلا ولا وجه أيضا للاستدلال على مشروعية التلقين بمثل حديث: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم"، [أحمد "٦/١٨١"، أبو داود "٣٢٧٥"، فإن هذا مخصوص بغير الحدود الواجبة ولو أخذ بعمومه لم يقم حد على أحد من ذوي الهيئات وهذا هو الذي نعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني إسرائيل لما أسقطوا الحدود على أشرافهم وأقاموها على ضعفائهم.

قوله: "والحفر إلى سرة الرجل وثدي المرأة".

أقول: أما ماعز فلم يحفر له بل رجم قائما كما في الحديث [مسلم "٢٣/١٦٩٥"] ، الحاكي لقصته وأما الغامدية فقد ثبت في صحيح مسلم وغيره أنه حفر لها إلى صدرها فهذا يقتضي مشروعيته للمرأة كما أن ترك الحفر لماعز يقتضي عدم مشروعيته للرجل ووجه الفرق ظاهر فإن المرأة كلها عورة مع الرجال الراجمين لها وكان الأولى اقتصار المصنف على قوله وناب الحفر إلى ثدي المرأة.

قوله: "وللمرء قتل من وجد مع زوجته أو أمته" الخ.

أقول: هذه المسألة مبنية على غير أساس غير منظور فيها إلى كتاب ولا سنة ولا قياس فإن غاية ما يجب هنا على الزوج والسيد هو إنكار المنكر والسعي مع التفريق بين العاصيين بما تبلغ إليه الطاقة فإن أبى مرتكب المنكر أن ينزع عنه كان لكل منكر للمنكر أن يدافعه ولو بالقتل إذا لم يندفع بغيره من غير فرق بين أن يكون يكون الزاني زنا بزوجة المنكر أو أمته أو سائر قرابته أو بغير هؤلاء.

والحاصل أن هذا باب من أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس لتخصيصه بمن ذكره المصنف وجه وقد وقع منه صلى الله عليه وسلم الإنكار على سعد بن عبادة لما قال النبي صلي الله عليه وسلم له: "أأدعه على بطن لكاع ثم أذهب فآتي بأربعة شهداء"، [أحمد "٢/٥٣٢"] ، ثم ذكر ما يفيد أنه إذا وجده كذلك قتله فقال صلى الله عليه وسلم منكرا عليه: "انظروا إلى ما يقول سيدكم"، فاعتذروا له بما فيه من شدة

<<  <   >  >>