ولا يخفاك أن مجموع ما ذكر يقوي بعضه بعضا فتقوم به الحجة وليس الإعلال إلا من طريق الانقطاع من بعضها وقد ثبتت الواسطة في بعض الروايات فاتصل.
قوله:"وعبد".
أقول: استدلوا بحديث عمر عند البيهقي وابن عدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقاد مملوك من مالكه ولا ولد من والده"، وفي إسناده عمر ابن عيسى الأسلمي قال البخاري هو منكر الحديث واستدلوا أيضا بما أخرجه الدارقطني والبيهقي مرفوعا:"لا يقتل حر بعبد" قال ابن حجر وفيه جويبر وغيره من المتروكين وبما أخرجه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا قتل عبده متعمدا فجلده النبي صلى الله عليه وسلم ونفاه سنة ومحا سهمه من المسلمين ولم يقده به وأمره أن يعتق رقبة, وفي إسناده إسماعيل بن عياش ولكنه إنما يضعف إذا روى عن الحجازيين لا عن الشاميين وهو هنا روى عن الأوزاعي وهو شامي قال ابن حجر لكن من دونه محمد بن عبد العزيز الشامي قال أبو حاتم لم يكن عندهم بالمحمود وعنده غرائب انتهى وشهد له ما أخرجه البيهقي عن علي قال أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قتل عبده متعمدا فجلده رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ونفاه سنة ومحا سهمه من المسلمين ولم يقده به ومما يشهد له أيضا حديث الرجل الذي جب مذاكير عبده فاعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقتص من السيد وله طرق عند أبي داود "٤٥١٩"، وغيره ابن ماجة "٢٦٨٠"، وأخرج البيهقي عن علي أنه قال: من السنة أن لا يقتل حر بعبد, وفي إسناده جابر الجعفي وهو متروك.
فهذه الأدلة الواردة في أن السيد لا يقتل بعبده وإليه ذهب الجمهور كما حكاه الترمذي وغيره وحكى المصنف في البحر الإجماع على ذلك إلا عن النخعي واستدل لمن قال إنه يقتل بما أخرجه أحمد ["٥/١٠، ١١، ١٢، ١٨، ١٩"، وأهل السنن أبو داود "٤٥١٥، ٤٥١٦"، الترمذي "١٤١٤"، النسائي "٨/٢١"، ابن ماجة "٢٦٦٣"] ، من حديث الحسن عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قتل عبده قتلناه ومن جدع عبده جدعناه"، قال الترمذي "٤/٢٦"، حسن غريب وفي رواية لأبي داود "٤٥١٩"، والنسائي "٢٧٤٢"، "ومن خصى عبده خصيناه"، وهذه الزيادة صححها الحاكم ولكن في سماع الحسن من سمرة الخلاف الذي قدمنا فلا يقوم بهذا الحديث الحجة ولا سيما وقد عورض بما تقدم مع كون الحكم هو سفك دم الحر السيد بالعبد ولا شك أن له مزيد خصوصية على سائر الأحرار.
وأما قتل الحر بعبد غيره فحكى في البحر عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يقتل وحكاه الكشاف عن سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي وقتادة والثوري وأبي حنيفة وأصحابه وحكى الترمذي عن الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وبعض أهل العلم أنه ليس بين العبد والحر قصاص لا في النفس ولا فيما دونها قال وهو قول أحمد وإسحاق وحكاه صاحب الكشاف عن عمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء وعكرمة ومالك والشافعي وقد استوفيت الكلام على حجج القولين في شرحي للمنتقى فليرجع إليه والظاهر عدم ثبوت قتل الحر بالعبد لاسيما مع تعارض الأدلة ترجيما لجانب الحظر وعملا بأصالة عصمة النفوس حتى يرد ما