يدل على عدم العصمة بوجه يصلح بذلك وتقوم بن الحجة ولا سيما مع قوله سبحانه:{وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}[البقرة: ١٧٨] ، فإنه يدل بمفهومه على أنه لا يقتل الحر بالعبد ولا يرد الإلزام بأنه كما يدل على أنه لا يقتل الحر بالعبد يدل على أنه لا يعقل العبد بالحر لأنا نقول قد وقع الإجماع على أنه يقتل العبد بالحر.
قوله:"وكافر".
أقول: الحديث الذي أخرجه أحمد "١/١١٩"، والبخاري "١/٢٠٤، ٤/٨١، ٦/٢٧٣، ٦/٢٧٩، ٦/١٦٧، ١٢/٢٤٦، ١٢/٢٦٠، ١٢/٤١، ١٣/٢٧٥"، وأهل السنن أبو داود "٤٥٣٠"، النسائي "٨/١٩، ٢٠"، من حديث علي مرفوعا بلفظ:"لا يقتل مسلم بكافر"، من غير زيادة:"ولا ذو عهد في عهده"، وأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي بلفظ:"لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده"، وصححه الحاكم وأخرجه أحمد "٢/١٩١، ١٩٢، ٢١١"، وابن ماجه "٢٦٥٩"، ٢٦٨٥"، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بإسناد رجاله رجال الصحيح إلى عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن لا يقتل مسلم بكافر وفي لفظ من حديثه هذا عند أحمد "٢/١٧٨، ١٩٢، ١٩٤، ٢١١، ٢١٥"، وأبي داود "٤٥٣١، ٢٧٥١"، "لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده".
وإذا عرفت هذا فالأمر في الحديث واضح والمعنى صحيح وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى تارة عن قتل المسلم بالكافر ضم إليه النهي عن قتل المعاهد من غير نظر إلى القصاص به ومنه وهذا معنى صحيح تام لا يحتاج إلى تقدير وقد تقرر أن الكلام إذا صح بدون تقدير كانت الزيادة عليه عبثا.
ووجه ذكر النهي عن قتل بعد ذكر النهي عن قتل المسلم بالكافر أنه ربما سمع السامعون أنه لا يقتل مسلم بكافر فيكون ذلك سببا للجرأة على قتل كل كافر معاهد وغيره فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن قتله لأنه معصوم بالذمة بخلاف الكافر الحربي فما جاء به القائلون بأنه يقتل المسلم بالذمى من التقديرات المتكلفة لم تدع إليه حاجة ولا قام عليه دليل ولا مثل هذا السراب المبنى على شقا جرف هار يصلح لقتل المسلمين بالكفار.
قوله: "فلا يقتل أمه بأبيه" الخ.
أقول: إنما يتم هذا لو كان الوارد في الاقتصاص من الوالد للولد يدل على أنه لا يثبت للولد على والده قصاص أصلا كأن يقول لا يقتص ولد من والده أو لا يقتص فرع من أصله ولم يرد ما يفيد هذا المفاد ولا ما يدل على هذا المعنى بل معنى ما ورد أنه لا يقتل الوالد بالولد وهذا لا يدل على أنه لا يثبت للفرع قصاص على الأصل على كل تقدير.
وأما ما عللوا به من منع ثبوت القصاص للولد من والده مطلقا بأنه كان سبب وجوده فلا يكون الولد سببه إعدامه فما أبرد هذه العلة وما أقل فائدتها وليس مجرد ما يتخيله المتخيل من العلل العليلة مسوغا لبناء أحكام الشرع عليه.