جاهل متعلم, قال: هي السنة يا ابن أخي, وقد حققنا الكلام عن هذا في شرحنا للمنتقي وليس المراد هنا إلا الاستدلال على أن ديتها على النصف من دية الرجل.
قوله:"والذمي".
أقول: قد اختلفت مذاهب العلماء في قدر دية الذمي والحق أنها على النصف من دية المسلم من غير فرق بين ذمي وذمي لما أخرجه أحمد والنسائي والترمذي وحسنه وابن ماجه وصححه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عقل الكافر نصف دية المسلم"، وفي لفظ من هذا الحديث عن أبي داود كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار وثمانية آلاف درهم ودية أهل الكتاب يومئذ النصف من دية المسلم ولم يثبت ما يخالف هذا الحديث لأن المروي عن بعض الصحابة لا تقوم به الحجة والمرفوع لم يصح وما ورد مطلقا كقوله سبحانه:{وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}[النساء: ٩٢] ، فهو مطلق مقيد بالسنة وقد أوضحنا الكلام في هذا في شرحنا للمنتقي فليرجع إليه.
وأما قوله:"والمجوسي والمعاهد" فلعله إشارة إلى الخلاف في ذلك وإلا فقد دخلا تحت الذمي لأن المجوسي ذمي والمعاهد ذمي واليهودي والنصراني ذميان وقد شمل الجميع قوله صلى الله عليه وسلم: "عقل الكافر نصف دية المسلم"، فإنه يدخل تحت هذا كل كافر إلا من كان مباح الدم وهو الحربي الذي لا ذمة له ولا عهد.
قوله:"وفي كل حاسة كاملة".
أقول: الحواس الخمس الظاهرة وهي السمع والبصر والشم والذوق واللمس لم يرد ما تقوم به الحجة في أن في كل واحدة منها الدية ولكنه قال ابن حجر في التلخيص إنه وجد من حديث معاذ: "في السمع الدية" قال وهو موجود في حديث عمرو بن حزم الذي اشار إليه وقد رواه البيهقي من طريق قتادة عن ابن المسيب عن علي انتهى.
ولا ندري كيف حديث معاذ وقد روي عن البيهقي أنه قال إسناده لا يثبت مثله وأما حديث عمرو بن حزم الذي أشار إليه فقد ساقه هو أيضا في بلوغ المرام وليس فيه ذكر السمع وهكذا ساقه صاحب المنتقى ولم يذكر السمع وقد أخرج أحمد بن حنبل وابن أبي شيبة عن خالد عن عوف: سمعت شيخا في زمن الحاكم وهو ابن المهلب عم أبي قلابة قال رمى رجل رجلا بحجر في رأسه في زمن عمر فذهب سمعه وبصره وعقله ونكاحه فقضى فيه بأربع ديات وهو حي فهذا غاية ما في الباب جميعه ولا تقوم به الحجة فينبغي الرجوع في ذلك إلى اجتهاد الإمام والحاكم العارفين بالمسالك الشرعية وفي قضاء عمر لهما أسوة إن لم تجدا ما هو أنهض من ذلك.