أقول: لم يرد في هذا ما تقوم به الحجة وقضاء الصحابي لا يثبت شرعا عاما وغاية ما فيه ما تقدم عن عمر وقد عرفت أن أموال العباد معصومة بعصمة الإسلام فلا يحل إخراج شيء منها عن أملاكهم إلا ببرهان من الله سبحانه ولا حجة في ضعيف يقال إنه مرفوع فإنه ليس مجرد ذكر الرفع مما تقوم به الحجة حتى يثبت فإذا ثبت فسمعا وطاعة.
وهكذا الكلام في قوله والقول وسلس البول وانقطاع الولد أما الأولان فلم يرد في ذلك شيء وأما الثالث فليس فيه إلا الأثر السابق عن عمر وليس مراد المصنف هنا إلا ذهاب هذه القوى بدون ذهاب الآلة التي هي فيها ولهذا أنه ذكرها بعد ذكر هذه.
وقوله:"وفي الذكر من الأصل".
أقول: الدليل على هذا وعلى كثير مما سيأتي ما أخرجه النسائي وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم والبيهقي وأخرجه أيضا أبو داود في المراسيل وصححه جماعة من أئمة الحديث منهم أحمد والحاكم وابن حبان والبيهقي من حديث عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا وكان في كتابه: " أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول وأن في النفس الدية مائة من الإبل وأن في الأنف إذا أوعب جدعه الدية وفي اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العينين الدية وفي الرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمسة عشر من الإبل وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل وفي السن خمس من الإبل وفي الموضحة خمس من الإبل وأن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار"، وهذا الحديث قد تلقته الأئمة بالقبول وقد صرح فيه بأن في الذكر الدية وهو اسم لجميعه فلا يتناول بعضه إلا مجازا وبهذا يظهر صحة قول المصنف وفي الذكر من الأصل.
قوله:"وفي الأنف".
أقول: مراده في الأنف من الأصل كما قال في الذكر ويدل على ذلك ما تقدم في حديث عمرو بن حزم بلفظ: "وإن في الأنف إذا أوعب جدعة الدية"، ومعنى أو عن جدعة أنه قطع جميعه فلا ينافي هذا ما أخرجه البيهقي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قضى النبي صلى الله عليه وسلم إذا قطعت ثندوة الأنف بنصف العقل خمسون من الإبل أو عدلها من الذهب والورق فإنه أراد بالثندوة هنا روثة الأنف وهي طرفه ومقدمه كما قال صاحب النهاية ولا ينافيه أيضا ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه أنه قال عندي كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه:"وفي الأنف إذا قطع مارنه مائة من الإبل"، وذكره الشافعي تعليقا وأخرجه البيهقي من طريق عكرمة بن خالد عن رجل من آل عمر فإن المارن يطلق على الأنف كما يطلق على طرفه والمراد هنا الأنف جميعه قال في القاموس المارن الأنف أو طرفه أو ما لان منه وفي حديث عمرو بن شعيب عند أحمد ["١٦/٥٣"، وأبي داود "٤٥٦٤"، والنسائي