أما إذا وسط الشرط فقال: كل امرأة أتزوجها أن كلمت فلانا فهي طالق صار كما إذا قدم الشرط لأن كلمة هي لا تستبد بنفسها، فصار كما إذا قال كل امرأة أتزوجها إن كلمت فلانا فالمرأة التي أتزوجها إن كلمت فلانا فالمرأة التي أتزوجها طالق ولو قال إن كلمت فلانا كل امرأة أتزوجها طالق صار الشرط مقدما كذلك هاهنا. وأما إذا وقت وأخر الشرط فقال كل امرأة أتزوجها فهي طالق إلى ثلاثين سنة إن كلمت فلانا. فتزوج امرأة بعد الكلام وامرأة قبل الكلام طلقتا لأنا إنما جعلنا كلام فلان غاية ليمينه من طريق الدلالة. فإذا وقت صريحا خرجت الدلالة من أن تكون للغاية لأن الصريح أقوى منها. ولو قدم الشرط فقال: إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق. فالتي تزوج قبل الكلام لا تطلق، لأن الكلام صار شرطا، لانعقاد اليمين على ما ذكت ومن تزوجها بعد الكلام تطلق. ولو وسط فهو كما لو قدم ثم إذا أخر الشرط يعتبر من وقت اليمين، لأنه أوجب اليمين من ساعته. ولو أخر الشرط يعتبر من وقت الكرم لأن اليمين انعقدت عند الكلام، وكذلك الجواب في الفصول كلها إذا جعل غاية ليمينه وشرطا لحنثه.
وحروف الشرط إن المكسورة الهمزة المخففة تقول إن تأتنى آتك «ومن» يقول من يمرر أمرر به فقولك إن تذهب وما أشبهه من الفعل الذي يلي إن شرط والجزاء قولك اذهب. وجزاء الشرط ثلاثة أشياء: الفعل وقد ذكرته، والآخر الفاء. في نحو إن تأتنى فأنت مكرم قال الله تعالى: ﴿فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلَا رَهَقاً﴾ وإذا، تقول: إذا احمر البسر أعطيتك قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾ فموضع الفاء وما بعده جزم وكذلك موضع إذا وما بعدها بدلالة أنه لو وقع موضع ذلك فعل لظهر الجزم. وعلى هذا قرأ بعض القراء ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ﴾ فجزم يذرهم لحمله إياه على موضع فلا هادى له.
وقد تقع أسماء موضع إن وتلك الأسماء منها ما هو غير ظرف ومنها ما هي ظرف. فما كان غير ظرف فنحونا ومن، وأيهم، تقول من يكرم أكرم. وأيهم تعط أعط. وما تركب أركب قال الله تعالى: ﴿مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها﴾ وقال تعالى: ﴿أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنَى﴾ فعلامة الجزم في الفعل بعد أى حذف النون التي تثبت علامة للرفع في تفعلون قال الله تعالى: ﴿مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ