للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لمنع نفسه عن التزام الحقوق بينه وبين المحلوف عليه لأن الحقوق هي من الأفعال فما لم يجب الفعل لا يجب الحق بدليل أنه يدفع الثمن إليه لو استحق فله أن يرجع عليه.

وإن قال للرسول: بع هذا الثوب فباعه لا يحنث لأن هذا التفعل للرسول لا للمرسل لأنه نفى الحق للمحلوف عليه وهنا إنما التزم الحق للرسول، ألا ترى أنه لو استحق إنما يرجع على الرسول، ولو باع ثوب غيره بأمر المحلوف عليه حنث لأنه إنما التزم منع الفعل عنه ولم يلتزم الملك ألا ترى أنه لو قال إن خطت لك ثوبا، إنما اليمين على الخياطة وهي الفعل لا على الملك والعمل إذا كان لا يجرى فيه النيابة يقع على الملك، وليس كذلك إن قال إن ضربت عبدا لك فهنا لا يكون العمل للمحلوف عليه فيقع على الملك قال الله تعالى: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾. فأضاف فعل النبي إليهم لأن استغفاره لأجلهم وذلك لأنه متى حلف على عمل في المعمول وأضافه إلى إنسان إن أضاف المعمول إليه يقع يمينه على الملك دون الأمر، وإن أضاف العمل إليه فإن كان العمل مما يجرى فيه النيابة يقع على الملك.

[مسألة]

رجل قال لعبديه: إن ضربتكما إلا يوما فامرأتى طالق، فله أن يضربهما أى يوم شاء لأنه نفى ضربهما في جميع الأوقات إلا يوم الاستثناء. لأن قوله إن ضربتكما إلا يوما نكرة في سياق الإتيان فيخص إلا إذا كانت موصوفة وإنما يقع في يوم واحد فإذا جمع ضربهما في يوم واحد تعين الاستثناء فعند ذلك إذا ضربهما مجتمعا أو متفرقا حنث، فإن ضرب أحدهما يوم الجمعة والآخر يوم السبت لم يحنث ما لم تغرب الشمس وما ضرب الآخر لجواز أنه يعيد الضرب عليه فإن غربت الشمس ولم يضربه حنث لأن الضرب وجد منه إلا أنه في غير يوم واحد حتى يصح الاستثناء.

ولو ضرب أحدهما دفعات في أيام متعددة لم يحنث لأنه إنما حلف على ضربهما جميعا واستثنى يوما واحدا ولم يحلف على ضرب أحدهما فصار كأنه قال إلا يوما واحدا أضربكما فيه: ولو قال: والله لأضربكما إلا يوم أضربكما فيه، أو إلا يوما أضربكما فيه، أو إلا في يوم أضربكما فيه، فأى يوم جمع ضربهما فيه فهو مستثنى.

والفرق بينهما أنه في المسألة الأولى قال: إن ضربتكما إلا يوما ما فخص بالاستثناء يوما واحدا لإيقاع الفعل بهما جميعا. والمسألة الأخرى قال: والله لا أضربكما إلا

<<  <   >  >>