للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الطلاق عليهما لأنه علق الطلاق بفعل واحد وأضافه على اثنين وذلك الفعل يستحيل وجوده منهما فوجب وقوع الطلاق بوجوده من واحدة منهما. ولو أنه كان لا يستحيل وجوده منهما لكان يقع فكيف مع الاستحالة وذلك أن الله تعالى قال: ﴿يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ﴾ هذا فلئن قال قائل في ذا نظر قلنا فقد قال تعالى: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ﴾ ولم يخرج ذلك إلا من المالح وقال أيضا في قصة موسى وفتاه ﴿نَسِيا حُوتَهُما﴾ ولم ينس إلا يوشع ثبت أن الكلام يضاف إلى اثنين ويراد به أحدهما هذا مع عدم الاستحالة فكيف مع وجودها. والوجه في ذلك أنه لما قال إذا ولدتما ولدا.

لو صرفناه إليهما كان باطلا وإن صرفناه إلى إحداهما يصح، وإنما يحمل الكلام على الصحة دون الفساد فصرفناه إلى ما يصح.

فإن قال قائل: لم أضربت عن الكلام في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾.

قلت: لأني كتبت هذا الكتاب للاختصار والإيجاز ولئلا يمل الناظر منه لطوله فتركت كثيرا مما جاء عن أبى حنيفة في الفن الذي ذكره الخطيب ونفى علمه عن أبى حنيفة، فلأن اقتصر عن ما لم يكن الغرض أولى لأن القائل كان يقول ليس يمكن الرسالة من الجن لأنه ليس بمحل لهذا الأمر ولأنه لا فائدة في إرساله لإحدى الفئتين فإن الإنس يعتقدون أن الجن يقدرون على الإتيان بما لم يأت به الإنس فلا فائدة في إرساله والجن يعلمون أن الإنس لا يقدرون على الإتيان بمثل هذا. قلنا: محال فإن الجن قد رأوا من معجزات داود وغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم ما أعجزهم.

والسبب الموجب للرسالة من الغانس هو مصلحة للفئتين ما لم يكن من الجن وإنما أردت أن أعرف أن الإضافة تجوز فيما يستقيم وفيما يستحيل. ولو قال: إن ولدتما أو قال إن ولدتما ولدين لا يطلقان حتى يوجد من كل واحدة منهما مثل ما يوجد من الأخرى، لأنه أضاف إلى كل منهما فعلا كما قلنا في قصة يوسف ﴿يا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ﴾.

[مسألة]

رجل قال لأربع نسوة له: إذا حضتن حيضة فأنتن طوالق فقالت واحدة منهن حضت. إن صدقها يقع على كل واحدة منهن طلقة لما ذكرت وهو أنه علق الطلاق

<<  <   >  >>