للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأشخاص فالمراد فعل كل واحد على حدة قال الله تعالى: ﴿يا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ﴾ فما أراد أن كل واحد يدخل من جميع الأبواب. ومثل ذلك قوله تعالى: ﴿يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ﴾ فكل يخرج من جدثه ألا ترى إلى

ما روى عن النبي أنه أتاه رجل فقال: يا رسول الله إنّي جعلت لقومي مالا ليسلموا وقد أسلموا وقد شحت نفسي فيما جعلت لهم؟ فقال : «إن أسلموا وإلا سيرنا لهم الخيل- أى الخيالة- كلا على فرسه»

فأضاف جماعة الأفعال إلى جماعة الأشخاص وقوله تعالى: ﴿وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ﴾ دليل على ما ذكرت من المعنى أى أهل القرية. فالنبي ما أراد إرسال الخيل هدية ولا أراد إلا حربهم. ولو قال إن دخلتما هذه الدار وإن دخلتما هذه الدار فأنتما طالقان، فدخلت كل واحدة منهما دارا يقع حتى يدخلا جميعا الدارين، لأنه جعل لكل يمين شرطا وجزاء على حدة ولم يضف جماعة الأفعال إلى جماعة الأشخاص، ألا ترى أن كل يمين منهما جملة من شرط وجزاء، فما لم يوجد لكل شرط جزاؤه لا يقع فصار كما إذا قال إن كلمت زيدا فعبدي حر وإن كلمت عمرا فامرأتى طالق. ألا ترى أنه لو اقتصر على إحدى الجملتين كانت يمينا تامة، وأ لا ترى أنه قال إن دخلتما هذه الدار فأنتما طالقان اليوم، وإن دخلتما هذه الدار أنتما طالقان غدا. وإن دخلتا الدار الأولى طلقتا اليوم، وإن دخلتا الدار الأخرى طلقتا غدا.

* * *

لما كان بتاريخ المحرم سنة خمس عشرة وستمائة ورد كتاب من الموصل من الشريف النقيب جمال الدين بن عبيد الله على القاضي شرف الدين بن عنين ونسخته-:

كنت منذ زمن طويل تأملت كتاب «الجامع الكبير»: لمحمد بن الحسن وارتقم على خاطري منه شيء والكتاب في فنه عجيب غريب لم يصنف مثله، وفي هذه الأيام عاودت نظري فيه وتأملته وأحضرت الشرح الذي شرحه الاسبيجابى وهو على كل حال عجمي اللسان لا سيما إذا تكلم في المسائل المتعلقة بالعربية من نحو وغيره فإنه يقصر في بعض المواضع ويخطئ في بعض وأوثر منك- أبقاك الله- إن تسأل عن شبهة أذكرها لك وتحقق القول فيها مع الشيخ جمال الدين

<<  <   >  >>