رجل له امرأتان، فقال لإحداهما أنت طالق إن دخلت هذه الدار، لا بل هذه لامرأته الأخرى. فإن دخلت. الأولى الدار طلقتا، وإن دخلت الأخرى لا تطلق واحدة منهما فكلمة الاستدراك دخلت على الطلاق خاصة لأنه لما قال أنت طالق إن دخلت الدار فقد علق الطلاق بالدخول، فإذا قال لا بل هذه فقد رجع عن الأولى وأقام الثانية مقام الأولى، فرجوعه عن الأولى باطل لأن الشرط قد كمل بالجزاء ولا يصح الرجوع عنه وإقامة الثانية مقام الأولى جائز بالعطف فيقع الطلاق عليها أيضا بذلك الفعل. ولو قال أنت طالق إن دخلت الدار، لا بل فلان تكون هذه مشاركة له في الدخول. لأنه ليس بمحل لوقوع الطلاق عليه، فأيهما دخل يقع الطلاق. هذا كما قالوا في رجل قال لامرأته إن نكحتك فعبدي حر، يقع على الوطء، وإن كانت أجنبية يقع على العقد بدلالة الحال. وكذلك لو قال أنت طالق إن شئت لا بل هذه، فإن شاءت الأولى طلاقهما جميعا أو طلاق نفسها أو طلاق صاحبتها طلقتا جميعا. وإن شاءت الثانية لا تطلق واحدة منهما لأن الثانية دخلت في الطلاق لا في المشيئة كما قلنا في دخول الدار.
فإن قيل: إن شاءت الأولى طلاق إحداهما لم يقع الطلاق، ولم لا يكون بمنزلة من قال لامرأته أنت طالق إن دخلت الدار، وعبدى حر إن كلمت فلانا إن شاء فلان.
فشاء فلان أحدهما دون الآخر لا تطلق امرأته ما لم يشأ فلان كليهما؟ قيل له:
الفرق بينهما أن في تلك المسألة عطف الثاني على الأول وعلقهما جميعا بمشيئة فلان فصارت مشيئته لهما جميعا شرطا، فما لم يوجد الشرط كلهلا يقع الطلاق، أما هاهنا لم يعطف الثاني على الأول لكنه رجع عن الأول وأبدل الثاني مكانه، فرجوعه لم يصح فتعلق كل يمين بمشيئتها على حدة فأيهما وجد يقع الطلاق، ولو قال أنت طالق إن دخلت الدار لا بل فلانة طالق طلقت الأخرى من ساعته، وطلاق الأولى معلق بالدخول. وذلك لأنه أخرج الكلام مخرج الابتداء في طلاق الثانية لأن الكلام الثاني مستغن عن غيره فتطلق الثانية من ساعته، كما لو قال أنت طالق ثلاثا لا بل هذه، تطلق كل واحدة منهما ثلاثا لأن قوله لا بل هذه لا تتم بنفسها فكانت معلقة بما قبلها فكأنه طلق الأولى ثلاثا ثم رجع وأنزل الثانية مكانها فإنزاله صحيح، ورجوعه لا يصح.