اسألوا أبا الحسين فلما سألوه قال هو يقول لكم قد أطلتم المقام على الدهناء فارتحلوا عنها واطلعوا الصمان فقد شكت الإماء أى ملأن الشكايا وأدبى العرفج، والعرفج شجر له شوك فشبه العدو به وأدبى أى دبا نحوكم بآية ما أكلت معكم حيسا والحيس يعمل من تمر وسمن وخبز أى تجمع لكم من أعدائكم وغيرهم. فهذا ومثله اللحن. ومن هذا قيل لمعاوية إن عبد الله يلحن قال أوليس بظريف بنى أخى يعرف بالفارسية فجعل الفارسية لحنا فإذا قال أبو حنيفة إنهم يلحنون إنما عنى أنهم غيروه عن أصله على ما ذكرنا.
[قال الخطيب]
قد سقنا عن أيوب السختياني، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وأبى بكر بن عياش، وغيرهم من الأئمة أخبارا كثيرة تتضمن تقريظ أبى حنيفة والمدح له والثناء عليه، والمحفوظ عند نقلة الحديث عن الأئمة المتقدمين وهؤلاء المذكورين منهم في أبى حنيفة خلاف ذلك وكلامهم فيه كثير لأمور شنيعة حفظت عليه يتعلق بعضها بأصول الديانات، وبعضها بالفروع. نحن ذاكروها بمشيئة الله ومعتذرون إلى من وقف عليهما وكره سماعها، بأن أبا حنيفة عندنا مع جلالة قدره أسوة غيره من العلماء الذين دونا ذكرهم في هذا الكتاب وأوردنا أخبارهم وحكينا أقوال الناس فيهم على تباينها.
أما قول الخطيب هذا فأنا إن شاء الله نبين أن قصده خلاف ما ذكر من المعذرة وإنما قصد الشناعة جرأة منه وافتراء.
أما قوله: والمحفوظ عند نقلة الحديث خلاف ذلك.
فأقول: إن نقلة الحديث ينظرون إلى طريق الحديث فمتى ما وجدوا فيه رجلا ضعيفا ضعفوا الحديث خاصة في جرح الرجال، فإنه لا يسمع إلا من عدل ثقة معروف بالعدالة والثقة، فحيث نقل الخطيب أحاديث في الجرح عن جماعة ضعفاء شهد بضعفهم أئمة الحديث تبين أن قصده خلاف ما اعتذر عنه.
قال الخطيب: ما حكى عن أبى حنيفة في الإيمان:
أخبرنا الحسين بن محمد الحسن أخو الخلال بإسناده إلى وكيع. قال سمعت الثوري يقول: نحن المؤمنون وأهل القبلة عندنا مؤمنون في الأنكحة والمواريث والصلاة