حلف بطلاقها ووجد الشرط، فانحلت اليمين الأولى وطلقت واحدة، واليمين الثانية منعقدة لأنه إنما حنث في اليمين الأولى بعد الفراغ من اليمين الثانية لأن اليمين إنما تصح بالجزاء وحينما تكلم بالجزاء كانت في ملكه فلما كررها في المرة الثالثة لم تنحل اليمين الثانية، لأن المرأة بانت بلا عدة، فلم يصح في المرة الثالثة إدخالها تحت الجزاء فوجد شرط حنثه وهو الحلف بطلاقها، بخلاف المسألة الأولى ففرق بين قوله:
إن كلمتك وإن حلفت بطلاقك، لأن شرط الحنث هناك هو الكلام، والكلام يصح إن كانت المرأة في ملكه أو لم تكن واليمين بالطلاق لا يصح إلا في ملك، أو في علقة من علائق الملك، أو في مضاف إلى الملك.
[الأصل في مسائل الأيمان]
إن اليمين على ضربين: يمين يراد بها تعظيم المقسم به وهو الحلف بالله تعالى ويمين هي شرط وجزاء. قال سيبويه: اليمين جملة يؤكد بها الكلام.
قوله جملة، يعنى من فعل وفاعل، أو من مبتدأ وخبر، أو شرط وجزاء: أما المبتدأ والخبر قولك: والله لا كلمت زيدا، والجملة التي من فعل وفاعل: والله خالق السموات لا كلمت زيدا، والشرط والجزاء كقولك: إن دخلت الدار فو الله لا كلمتك وهنا لا يصح إلا في الملك أو مضافا إلى الملك أو في علقة من علائق الملك، وأما الشرط فيصح في الملك وغيره. والمحلوف عليه من دخل تحت الجزاء لا من دخل تحت الشرط لأن الجزاء قوله أنت كذا وكان هو الداخل تحت اليمين وإنما لا يحتاج الشرط أن يكون في الملك لأن ذكر الشرط ليس بتصرف في الملك والجزاء إنما يجازى بما في ملكه فلذلك سمى جزاء لأن المجازاة هي أن يكون منك فعل قبالة فعل غيرك أو فعل غيرك قبالة فعلك إن خيرا فخير وإن شرا فشر قال الله تعالى: ﴿وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها﴾ وقال الشاعر:
جزى الله عنا ذات بعل تصدقت … على عزب حتى يكون له أهل
فإنا سنجزيها كما فعلت بنا … إذا ما تزوجنا وليس لها بعل
ألا ترى إلى قوله: نجزيها كما فعلت وجزى الله والمعلق بالشرط لا ينزل إلا عند وجوده والنكرة في النفي تعم. تقول: ما رأيت اليوم رجلا تقديره ما رأيت اليوم